كتاب فصول في الثقافة والأدب

تصنيف العلوم
أمّا تصنيفات العلوم فهي كثيرة متعددة بتعدّد الأسس التي يمكن بناؤها عليها، فمن العلماء مَن صنّفها تبعاً لحكمها في الشرع كالغزالي تارة، وتبعاً لغير ذلك تارات أخرى. ومنهم من صنّفها باعتبار أصلها كابن خلدون والحفيد (¬1)، ومنهم من صنّفها بحسب طبيعة موضوعها كطاشْكُبْري زاده، ومن صنّفها بغايتها كأرسطو، أو بالملَكة البشرية المتعلقة بها مثل بيكون ودروكايم، أو بموضوعها مثل مُلاّ كاتب جَلَبي (¬2) وأوغست كونت. والتصنيف يختلف باختلاف الأزمنة، إذ قد تظهر علوم جديدة ويتبدّل محتوى بعض العلوم بازدياد موضوعاتها أو نقصها، أو اندماجها في علوم أخرى.
وقد وجدتُ خلال مطالعاتي تصنيفات أخرى كثيرة اخترت منها كالمثال عليها بعض هذه التصنيفات.
تصنيف الغزالي: صنّفها الغزالي باعتبار حكمها في الشرع إلى مُهمّة وغير مُهمّة. وقسّم المُهمّة إلى ما هو فرض عين وما هو فرض كفاية، أي أنه فرض على المجموع لا على كل فرد منه فإذا قام به بعض سقط الإثم عن الباقين. وقسّم غير المُهمّة
¬__________
(¬1) لعله ابن رشد الحفيد، صاحب «بداية المجتهد» في الفقه و «تهافت التهافت» في الفلسفة، ولعل تصنيفه هذا في كتابه «فصل المقال». أقول هذا ظانّاً غيرَ جازم، والله أعلم (مجاهد).
(¬2) هو المعروف باسم «حاجي خليفة»، وكتابه الذي صنّف فيه العلوم وعرّف بكتبها تعريفاً بِبْليوغْرافيّاً هو «كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون» (مجاهد).

الصفحة 287