كتاب فصول في الثقافة والأدب

فابتدر أحد ظرفائهم فأنشدنا بيتين هما:
لو كنتِ بَكْتوت امرَأَةَ جاريَةِ الفَضْلِ ... وكانَ أكْلُ الشَّعيرِ في البَرْدِ مَلْبَسكو
لا بُدَّ مِنَ الطُّلوعِ إلى بِئْركِ في ... الليلِ وظَلامُ النّهارِ متضحٍ اً (¬1)
فأخذ الجماعة في الإعجاب مما اتفق فيهما من اضطراب النظم، واختلال القافية، وعدم الإعراب، ومخالفة أوضاع اللغة، وتناقض المعنى وفساده، والتخبيط في التاريخ ... وقضوا نهارهم بتعاطي كؤوس العُجْب من ذلك؛ فقال أحدهم: إنهما محتاجان إلى شرح ينخرط معهما في سلك الغريب ...
فصبّحهم وقد أعمل في الشرح حيلته، فقال: حدثني نصير الدين أبو الهزايم ثابت (¬2) قال: حدثني من كتابه أصيل الدين أبو المفاخر لقيط القطربي، وقيل القرطبي، قال: أخبرني إجازة أسد الدين أبو ثور صقر الفنحكردي من أهل دمشق، قال: إن افتخار الدين سبكتكين القُسَهتاني صاحب «زهر الآداب» قال: عارض هذين البيتين الأفوهُ الأَودي أبو علي، على ما ذكره الحريري في «الخطب النباتية» (¬3) في قوله:
¬__________
(¬1) هكذا هي في الأصل، كلمة «متضح» متحركة بتنوين الكسر، وبعدها ألف عليها تنوين فتح!
(¬2) تأمل في التناقض بين نصره الدينَ وكونه أبا الهزائم.
(¬3) صاحب «زهر الآداب» هو أبو إسحاق الحصري، والأفوه الأودي من شعراء العرب، وأبو علي القالي صاحب «الأمالي»، و «الخطب» لابن نباتة.

الصفحة 306