كتاب فصول في الدعوة والإصلاح

الذي صنع أجدادنا لمّا اتصلوا بالفرس وغيرهم من الشعوب ذوات الحضارات الأولى. إنهم أخذوا من حضاراتهم وعيونُهم مفتحة وعقولُهم حاضرة، وميزان الشرع في أيديهم، لم يأخذوها عمى ولا تقليداً، ولم يقلّدوا أهلها تقليد القردة بلا نظر ولا علم.
هذا هو الحق وهذا هو طريق الاعتدال، لا إفراط ولا تفريط، فما كان فيها من مخترَعات نافعة، وما كان من تقدم علمي، وما كان من رفاهية وراحة ليس فيها محرَّم ... هذا نأخذه كله. وما كان فيها من تهاون بالفضائل والعفاف، وإطلاق للغرائز والشهوات، وتسهيل للزنا، وتصعيب للزواج، وهذه القصص التي فيها الأدب المكشوف والأفلام التي تُعلِّم الناشئة فنون الغرام وطرق الإجرام ... هذا نتركه كله، كما نترك كل فلسفة وكل علم وكل مذهب اجتماعي ينافي أحكام ديننا.
ولا بد من تفصيل لهذا الإجمال، لعله يأتي إن شاء الله فيما سيجيء من المقال (¬1).
* * *
¬__________
(¬1) نُشرت هذه المقالة في مجلة «الوعي الإسلامي»، في العدد السادس من أعداد سنتها الأولى، ولم أجد في الأعداد اللاحقة أي عودة إلى هذا الموضوع. على أن في محاضرة «موقفنا من الحضارة الغربية» (التي ألقاها جدي رحمه الله في الرياض بعد ذلك بثماني سنين، في الدورة الأولى للندوة العالمية للشباب الإسلامي)، في هذه المحاضرة تفصيل واسع وإحاطة بالموضوع كاملة، فمن شاء قرأها في كتاب «فصول إسلامية» (مجاهد).

الصفحة 258