كتاب فصول في الدعوة والإصلاح

مقدماته جاءت من هناك (والله أعلم)، وإلا فما معنى أن يكون كل عربي وكل مسلم وكل منصف في الدنيا حرباً على إسرائيل، ثم يقول هؤلاء -من حيث يشعرون أو لا يشعرون- إن إسرائيل إخواننا وأحبابنا ومنا وإلينا؟!
وإذا كان كل سامي عربياً لأن كل عربي سامي، فلماذا لا يكون كل حيوان إنساناً لأن كل إنسان حيوان؟ ويستوي في هذه الإنسانية «البعثية» الحمارُ وأستاذ التاريخ في كلية الآداب؟
وإذا كان هؤلاء كلهم عرباً لأنهم كانوا في الجزيرة وخرجوا منها، فلماذا لا يكون من الأسرة كل من كان في دارها وخرج منها، ولو كان كلب صاحب الدار، ولو كان ثعباناً خرج من شق الجدار؟
وإذا كان يُحكَم بالفرع على الأصل فيكون أجداد العرب عرباً، ومددنا هذا القياس حتى وصلنا إلى الجد الأكبر، آدم عليه السلام، يكون آدم عربياً. وإذا كان آدم عربياً كان كل أبنائه من العرب، وإذا كانوا كلهم من العرب فهم إذن من القائلين بالقومية العربية، ومن الموصوفين بالبعثية، ومن أتباع الخواجة المحترم!
هذا هو «المنطق البعثي»!
* * *
وما نحن بخصوم العربية، بل نحن أحق بها وأهلها. وهل العربية إلا البيان العربي، والأخلاق العربية، وتكريم ماضي العرب، والعمل على بناء المستقبل العربي؟ وهذا كله فينا؛ فينا البيان، وما عَهِدنا لدعاة هذه العصبية الجاهلية رجلاً واحداً يُعَدّ من أرباب البيان، وليس لهم شاعر مفلق ولا خطيب مصقع ولا كاتب

الصفحة 266