كتاب فصول في الدعوة والإصلاح

اختلافهما في تفاصيلها) أن الذي يوجّه سير التاريخ ويحرك العالم ويوجد كل شيء ليس الإله المعبود، بل هو عامل بشري وقوانين مادية تخضع لها حركة التاريخ. وهما ينكران وجود الإله ولا يعترفان بأي عامل ديني أو روحي، بل لقد جاء على ألسنة زعماء الشيوعية ما يفيد تأليه التاريخ!
هذه هي الناحية الخطيرة في الماركسية. وفيها شيء آخر لا يكاد يقل عنها خطراً، هو «النسبية» أو «المرحلية». فالقانون والحرية والمساواة والعدل ... كل ذلك يكون له في كل عصر (أو في كل مرحلة من مراحل الطريق إلى الثورة) معنى خاص.
فهم ينادون بالحرية والعدل والمساواة، ولكنهم يفسرون هذه الكلمات في كل مرحلة بالمعنى الذي يناسب هذه المرحلة، حتى إن «الحرية» لَيكون معناها في بعض المراحل الاستعبادَ والتقييد، ويكون معنى العدل الظلمَ، ويكون معنى المساواة التفريقَ والتمييز.
وبذلك تسقط هذه المبادئ والمُثُل وتنهار معها أسس المجتمع البشري!
والمجتمع عند كارل ماركس لا يقوم على أخوّة بين طبقات الشعب، بل على «الصراع الطَّبَقي» الدائم، حتى يُقضى على «الطبقة البرجوازية» (أي على خواص الناس) ولا يبقى إلا العامة (البروليتاريا)، والعمل على بلوغ هذه الغاية هو ما يسمى في عرف الماركسية ومَن ينطق باسمها بـ «الثورة».
فكلمة «الثورة» التي تسمعونها تردَّد دائماً في هذه الأيام هذا

الصفحة 276