كتاب فصول في الدعوة والإصلاح

معناها. ويجوز في هذه الثورة سلوك كل طريق يؤدي إلى القضاء على الطبقة البرجوازية (طبقة الخواص والأغنياء ورجال الدين)، ولا تتقيد هذه الثورة بقيود العدل ولا الحق ولا القانون، بل هي لا تكاد تحدد لها معنى ثابتاً يحقق وجودها.
وحين تنجح الثورة تنفرد طبقة الكادحين (أي البروليتاريا) بالحكم وتحكم حكماً مطلقاً (ديكتاتورياً)، حتى يتم القضاء على الطبقات الأخرى ويخلو الجو لها. وعندئذ لا تبقى حاجة للدولة ويكون المجتمع الشيوعي المنشود، وهو مجتمع خالٍ من الطبقات، تعمّه العدالة ويسود فيه النظام (¬1).
* * *
¬__________
(¬1) لعل من غرائب المصادفات (وما في الدنيا مصادفة إلا بقَدَر من الله) أنني انتهيت -في الوقت الذي وصلت فيه إلى هذا الموضع من الكتاب- من قراءة رواية اسمها «بجعات برّية»، وهي رواية تاريخية طويلة تبلغ ثلاثة أمثال هذا الكتاب طولاً، وتسرد فيها مؤلفتها الصينية يونغ تشانغ قصة عائلتها في الصين الشيوعية؛ فهي ليست رواية خيالية كعامة الروايات بل هي ملحمة تاريخية واقعية؛ فإن يكن أيّ كتاب أميناً في وصف الحياة في ظل الشيوعية فهي هذه الرواية بلا جدال، لا سيما وأنها تصف التطبيق الأمثل المنشود للشيوعية في بلد كبير وخلال مدة طويلة تمتد لثلاثة عقود.
لقد افتُتن بالدعاية الشيوعية سُذّج كُثُر في عالمنا الإسلامي وذهب بعضهم إلى التخلي عن دينهم في سبيلها، وإني لأتمنى أن يقرأ هؤلاء هذه الرواية، بل أن يقرأها كل واحد من الناس كافة، مسلمين كانوا أو غير مسلمين، ليروا مبلغ القهر والظلم والعذاب الذي عاشه=

الصفحة 277