كتاب فصول في الدعوة والإصلاح

ولا شك أن في هذه المذاهب أموراً فرعية ربما وافقت في الجملة أموراً مثلها في الإسلام، ولكن هذا التوافق في الجزئيات لا يسوّغ لنا أن نقول «اشتراكية الإسلام»، بدليل أن التوافق بين القرآن والتوراة الموجودة الآن في أيدي اليهود أكثر، وقصص الأنبياء فيها تكاد تكون واحدة، مع اختلاف الأسلوب. فهل يحق لنا -بناء على هذا- أن نقول: «يهودية الإسلام»؟!
ولست أعرّض بأخي المؤمن المجاهد الشيخ مصطفى السباعي رحمة الله على روحه، فلقد ناقشته في حياته وكان بيني وبينه أخذ ورَدّ، وأشهد ما كان قصده إلا الخير وأنه أراد أن يجلب بذلك الاشتراكيةَ وأهلَها إلى الإسلام ... لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، وربما أراد الرجل الخير فاتُّخذ عمله حجة للشر (¬1).
¬__________
(¬1) في ربيع عام 1959 ألقى الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله محاضرة في جامعة دمشق عنوانها «اشتراكية الإسلام»، ثم وسّع مادة هذه المحاضرة وأصدرها في نهاية العام في كتاب حمل العنوانَ ذاته، وبلغ عدد صفحاته 175 صفحة، وفي السنة التالية نقّح الكتاب وزاد فيه وأعاد نشره في 420 صفحة.
وأثارت المحاضرة (وأثار الكتاب من بعدها) نقاشاً طويلاً وجدلاً مع عدد من العلماء، لعل من أبرزهم شيخ حماة محمد الحامد وقاضي دمشق علي الطنطاوي. وقد ردّ علي الطنطاوي على الكتاب رداً مقتضباً في أول الأمر، فنشر في بعض الصحف كلمة صغيرة قال فيها: "قرأت الكلمة الطيبة التي كتبها الأخ الأستاذ سعيد رمضان البوطي وأشار فيها إلى كتاب «اشتراكية الإسلام» للأخ الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي. وهو صديق كريم، ولكن أرسطو كان=

الصفحة 279