كتاب فصول في الدعوة والإصلاح

عليه الصلاة والسلام، والذي لم يجرؤ أحدٌ من ألدّ الأعداء على القول بأنه حُرِّف أو صُحِّف كما حُرِّفت الكتب من قبله (اللهمّ إلا جماعة الخميني، وما الخميني وجماعته من أمة القرآن!)، هذا القرآن قرّر فيه الله أن هذا الرباط هو الإيمان، هو العقيدة، لا رباط الدم ولا اللسان ولا الإرادة المشتركة ... فمَن كان من المسلمين كان منا، من أمتنا، ومن لم يكن منهم فليس منا. {إنَّمَا المُؤْمِنونَ إخْوَة}، ما قال «إنما العرب» ولا الفرس ولا الترك.
فلفظ «إنما» -عند من يعرف لسان العرب- يفيد الحَصْر والقَصْر، فالأُخُوّة أخوّة الإيمان. إنه نص قرآني، فمن عدل عنه أو بدّله خالف القرآن، ومن خالف القرآن لم يكن مسلماً. أفيغني المرءَ -بعد هذا- أنه عربي عن أن يعرّف بدينه، وعن أن يكون على دين الحق؟ إن الدين عند الله الإسلام.
أوَكل عربي هو منا؟ أهو أعرق في العروبة ممّن كان منها في الذروة وفي السنام، من أبي لهب القُرَشي الهاشمي عم النبي؟ إننا نتبرأ منه ونسبّه في صلاتنا. أفنَسُبّ عمّ النبي ونخرجه من أمتنا، وندخل قسطنطين وميشيل والريحاني؟
لا، ولا كرامة!
أفيريدون منا أن نخرج من ديننا لنجاملهم ونرضيهم، ثم لا يَرضون -بعدُ- عنا؟ {وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ اليَهودُ وَلا النّصَارى حتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم}. وأنا من مطلع شبابي، من يوم أكملت دراستي وشرعت أكتب وأخطب وأؤلف، أجادل في هذه القومية. كتبت في ذلك مئات، مئات حقاً، من المقالات، وخطبت مئات من

الصفحة 309