كتاب فصول في الدعوة والإصلاح

كنتم تعلمون. هل أسلم النصارى جميعاً فلم يبقَ منهم أحد، أم كفر المسلمون جميعاً وصاروا نصارى؟ فكيف بطل هذا التقسيم وهو قائم مشاهَد موجود؟ أهذا كلام؟
وأنبّه إلى أنني لا أريد إثارة النزاع بين المسلمين والنصارى ولا أنا الذي بدأ الكلام فيه، وما أكتب الآن إلا جواباً على كتاب، ما أرسله صاحبه بالبريد مغلقاً بل نشره في الجريدة الكبرى مفتوحاً، ولا بد للكتاب المفتوح من جواب مفتوح. يقول إنها لم تعد هناك حروب بين النصرانية والإسلام. فما الذي يقع إذن في لبنان؟ هل المسلمون هم الذين أعلنوا هذه الحرب وحشدوا لها، وأعدوا لها هذا السلاح كله، ومزّقوا حكومتهم من أجلها؟ وهل المسلمون هم الذين جعلوا البلد بلدين والعرب عربَين، فكانت بيروت الشرقية بلداً والغربية بلداً، وبينهما برزخ لا يبغيان؟ إن المسلمين، أي الذين هم على مذهب أهل السنة والجماعة، على سنن رسول الله عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام لا على مذهب الخميني وابن سبأ، هم وحدهم الذين لم يؤلّفوا شبه حكومة، ولا ساقوا جيشاً، ولا أعدّوا سلاحاً، ولا كانت لهم فرق من المليشيات.
فكيف إذن انتهت الحروب؟ وهل الحرب هي التي فيها المدافع والبارود فقط؟ أليس من الحرب ما هو أشد من حرب الحديد والنار، ما هو حرب العقائد وحرب المبادئ؟ فإذا كانت هذه الحروب قد انتهت، فماذا يصنعون في أندونيسيا وفي إفريقيا؟ ما بال المنصّرين المكفّرين (الذين يدعونهم بالمبشرين)، ما بالهم يسهرون الليل ويصلونه بالنهار، يُعدّون العُدَد ويرسمون الخطط

الصفحة 314