كتاب إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم

كلمته، وينجز موعوده، فأطفأ نار الردة، وحسم مادة الخلاف والفتنة على يد أبي بكر؛ ولذلك قال أبو هريرة: لولا أبو بكر.. لهلكت أمّة محمّد عليه السّلام بعد نبيها.
وقالت عائشة: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال لهاضها: ارتدت العرب. واشرأبّ النفاق.
روي عن ابن أبي ذؤيب الهذلي [عن أبيه أبي ذؤيب الشاعر] قال: (بلغنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل، فاستشعرت حزنا، وبت بأطول ليلة، لا ينجاب ديجورها، ولا يطلع نورها، فظلت أقاسي طولها، حتى إذا كان قرب السحر.. أغفيت، فهتف بي هاتف، وهو يقول:
خطب أجل أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومعقد الآطام
قبض النّبي محمّد فعيوننا ... تذري الدموع عليه بالتسجام
وذكر خبرا طويلا قال فيه: وقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إذا أهلوا بالإحرام، فقلت لهم: مه؟
فقالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت المسجد، فوجدته خاليا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدت بابه مرتجا- أي: مغلقا- وقيل: هو مسجى قد خلا به أهله، فقلت: أين الناس؟ فقيل: في سقيفة بني ساعدة، فجئت إلى السقيفة، ثمّ قال: فتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب، وأكثروا الصواب، وتكلّم أبو بكر، فلله

الصفحة 769