كتاب ثمر الثمام شرح «غاية الإحكام في آداب الفهم والإفهام»

- وعكسه، ولا أعلم أحداً قرأ به (١).
والتجوُّزُ في الفقرة غيرُ خفي، وتشبيه العلوم باللولؤ نظراً للإلفِ والعادة، وإلا .. فهي أعلى وأغلى.
ولما وردَ في الحديثِ: «كلُّ خطبةٍ ليسَ فيها تشهُّد فهيَ كاليدِ الجذماءِ» (٢) .. قال:
ـ[وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً نَنَالُ بِهَا بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى أَعْلَى دَرَجَاتِ الإِيقَانِ.]ـ
(وأَشْهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، شهادة ننالُ بها بفضلِ اللهِ تعالى) إشارةً لبعض ما جُمع به بين حديثِ: «لن يدخلَ أحد منكم الجنةَ بعمله» (٣)، وقولهِ تعالى: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} من أنَّ المنفيَّ عن العملِ السَّبَبِيّهُ الاستقلالية.
إن قلتَ: قد علَّقَ حَرْفَي جرٍّ بعاملٍ واحد.
قلتُ: تُجعل إحدى الباءين للسببيَّة والأُخرى للمعيَّة (٤)، علما أنَّ
---------------
(١) إتحاف فضلاء البشر (٢/ ٥١٠).
(٢) أبو داوود (٤٨٤١)، الترمذي (١١٠٦).
(٣) رواه أحمد في " مسنده " (٢/ ٥٦)، وأصله في " البخاري " (٥٦٧٣)، و" مسلم " (٢٨١٦).
(٤) فباء السببية هي الواردة في الحديث، والأخرى - وتسمى باء المقابلة - هي التي ذكرت بقوله سبحانه: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

الصفحة 79