كتاب ثمر الثمام شرح «غاية الإحكام في آداب الفهم والإفهام»

المتقدِّم (غفرَ اللهُ لهُ) أصلُ الغَفْرِ: السترُ.
والمرادُ به: ترك المؤاخذة على الذنبِ على ما يشهدُ له حديثُ قولِ اللهِ سبحانه لعبد المؤمنِ يومَ القيامة بينه وبينه: " أنا سترتُها عليك في الدنيا، وأنا اليوم أغفرُها لك " (١).
(وَلوالدَيه) بفتح الدال أو كسرِها، أي: كل مَنْ له عليه ولادة من أهل المغفرة.
والمراد بالوالد: الشخص، أو أنه غلَّب المذكَّرَ.
(وَمشايخِهِ) الذين هم والدو الروح، وقدَّم الوالدين لكثرةِ الحضِّ على حقِّهما في صريح الكتاب والسنة، وإن قيل: إن الشيخَ أكثرُ حقّاً، لتربيته الروحَ الباقية، وسمعتُ من شيخنا (٢)، عن النووي (٣): أنَّ عاقَّ شيخِه لا تقبلُ له توبة (٤)، وفي النفس منه شيءٌ، فإنَّ اللهَ تعالى قال:
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
---------------
(١) البخاري (٢٤٤١)، مسلم (٢٧٦٨).
(٢) شيخه هو العلامة علي العدوي المالكي الصعيدي صاحب الحواشي المشهورة، والمصنف قد لازمه قرابة عشرين سنة، وستأتي ترجمته من قِبَل المؤلف (ص ١٢٢).
(٣) الإمام الجليل محيي الدين يحيى بن شرف الدين النووي، توفي سنة (٦٧٦ هـ).
(٤) حكى الإمام النووي هذا القول في " تهذيب الأسماء واللغات " (٢/ ٥١٤) عن أبي سهل الصعلوكي، ولفظه: (عقوق الوالدين تمحوه التوبة، وعقوق الأستاذ لا يمحوه شيء البتة)، وفي " الرسالة " (ص ٥٣٨): (عقوق الأستاذين لا توبة عنها) والمراد: أنه لا يوفق للتوبة، لا أنه يتوبُ ولا يتوب الله عليه.
ورواه بسنده الأمام الناشري في " موجب دار السلام " (ص ١٩٠).
وما ذكره الشيخ المصنف رحمه الله تعالى حكاه شيخه العدويُّ في " حاشيته على شرح كفاية الطالب " (١/ ٤٣٦).

الصفحة 88