كتاب ثمر الثمام شرح «غاية الإحكام في آداب الفهم والإفهام»

الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وسمعتُ ذلك عن غيره في اللواط أعاذنا الله منه، وفيه البعدُ السابق متى وُجِدَتْ حقيقةُ التوبةِ المشهورة، وكثيرا ما يُنازعُ والدي - جزاه الله عني خيرا - في تفضيل شيخ الشخصِ على والده.
وممَّا يناسبُ المقامَ أيضا ما يرتضيه شيخنا من جوازِ مخالفة الوالدين في طلب العلم ولو غيرُ العينيِّ (١)، وفيه البعدُ السابق أيضا.
وتحقيق المقام: أن الشيخَ الحقيقي المُمِدَّ في الظاهر والباطن أفضلُ حقّا بوراثة: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، ولو اطَّلَع على ذلك الشيخُ، وما أسداه .. ما ساغ أحدا إنكار أفضليته.
وأمَّا شيخُكَ في لفظة، أو شيءٍ من التمشدُقِ (٢)، أو ما تكادُ لا تضطرُّ إليه .. فالوالدُ أفضلُ حقّاً منه، فإنه جَهِدَ فيك أكثرَ منه، ولولا ذاك .. ما كان هذا غالبا، ولا عكْسَ، فقد شاركَ شيخَكَ في عملِهِ في التسبُّبِ، والدالُّ على الخيرِ كفاعله (٣).
واختصَّ بما باشر، على أنَّه أوَّلُ مشايخِكَ غالباً، فإنه يرشدُك إلى أصول الدين، وتلقين الشهادة، والأذكار، والآداب المُحتاج إليها من صغرك.
نسألُ اللهَ بمنّه التوفيقَ لإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه مع القبولِ والرضا، والعفوِ عمَّا جرى به القضا.
---------------
(١) حاشية العدوي على شرحه لمختصر خليل.
(٢) التمشدق: طلبُ التفصُّح في الكلام.
(٣) كما في " مسلم " (١٨٩٣).

الصفحة 89