كتاب ثمر الثمام شرح «غاية الإحكام في آداب الفهم والإفهام»

(وَيهديَني إليه) توكيدٌ (وَيَعْصِمَني) فيهِ طلبُ العِصمةِ، ولا بأسَ به، فإنَّ الخاصَّ بالأنبياءِ الواجبةُ (١)، أي: يُبَرِّئني ويُطهرني (مِن الخطإِ والزَّلَلِ) عطفٌ مرادِفٌ، أو أنَّ الأوَّلَ: سلوكُ غيرِ الطريق المستقيم، والثاني: الخطأُ في كيفيةِ سلوك المستقيم.
(وأنْ يجعلَهُ خالصاً لِوجهِهِ الكريمِ) يُؤَوَّلُ الوجهُ بالذاتِ، ويكفي أن يقالَ: لهُ وجهٌ لا كالحوادث.
والكرمُ: مجمعُ صفاتِ المدح اللائقةِ بالممدوحِ، ضدُّ اللؤم.
والمرادُ: لا رياءً وسمعةً، فلا ينافي قولَهُ: (وسبباً للإقامةِ في دارِ النَّعيم) أو أنه طلبَ جعلَها فائدة وعلةً غائيةً له، فلا يلزمُ أن تكونَ غرضاً وعلةَ باعثة (٢).
ـ[وَأَنْ يَجْعَلَهُ مُتَلَقّىً بِالْقَبُولِ وَالرِّضَا، وَأَنْ يَغْفِرَ لِمَنْ رَأَى فِيهِ عَيْباً فَأَصْلَحَهُ بِلاَ اعْتِرَاضٍ وَازْدِرَاءٍ، فَإِنَّ التَّصْنِيفَ مَظِنَّةٌ لِلزَّلَلِ، خُصُوصاً إِذَا كَانَ مِنْ مِثْلِي.]ـ
(وَأنْ يجعلَهُ متلقىً بالقبولِ) ضد الردِّ (والرِّضَا) ضد السُّخط، وهما متلازمان غالباً.
---------------
(١) أي: العصمة الواجبة، وهي منفية عن السائل.
(٢) فلو جعل تأليف الرسالة علة باعثة .. لكان الغرض من التأليف طلب هذه الفائدة (الإقامة في دار النعيم)، وبجعلها علة غائية .. يحصل المطلوب من غير قصد، كالزارع يطلب الثمر من زرعه فينال بغير قصد منه ظلَّ ما زرع.

الصفحة 98