قال ابن عبد البر (¬1) رحمه الله: «وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يسأل عنها لتقص عليه، ويعبرها، ليعلم أصحابه كيف الكلام في تأويله» (¬2).
ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله: «الرؤيا جزء من أجزاء النبوة، فلا يتلاعب بالنبوة» (¬3).
وقال القرطبي (¬4) رحمه الله: «والرؤيا حالة شريفة ومنزلة رفيعة» (¬5).
ولقد كان من اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرؤى وبيان أحكامها وآدابها لأمته، أنه كان يبين لهم ذلك في خطبه، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! رأيت في المنام كأن رأسي ضرب فتدحرج فاشتددت (¬6) على أثره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي: «لا
¬__________
(¬1) هو الإمام الحافظ، أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الأندلسي القرطبي المالكي (368 - 463) فقيه حافظ متبحر في علم الحديث والرجال، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (18/ 153 - 162) والبداية والنهاية (12/ 104) وشذرات الذهب (3/ 341 - 216).
(¬2) التمهيد (1/ 313).
(¬3) المرجع السابق (1/ 228).
(¬4) هو الفقه العلامة المحدث أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الأندلسي القرطبي (671 هـ) انظر ترجمته في: الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب (المالكي) لابن فرحون (2/ 308، 309) تحقيق الدكتور: محمد الأحمدي أبو النور، مكتبة دار التراث، القاهرة، ونفح الطيب للمقري (2/ 210 - 212).
(¬5) أحكام القرآن (9/ 122).
(¬6) أي عدوت على أثره، انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 452).