كتاب أمثال العرب ت إحسان عباس

بنو ضبة بقوة إلى جانب العثمانية، ثم تتركز سائر الأخبار المروية على الأحداث المتصلة بخراسان، وهذا قد يعيد إلينا صورة الجد الذي تولى الخراج في منطقة مقاربة، ولا يستبعد أن يكون محمد والد المفضل ممن اتصل بالحياة في خراسان عن كثب، إما جندياً وإما موظفاً. وهذه الأخبار التي تلقاها المفضل عن أبيه انتقلت إلى تلميذه المدائني الذي لقيه فيما أقدر - في الفترة البغدادية.
وإذا راجعنا أسماء أساتذة المفضل في المرحلة الكوفية، وجدنا أن عاصماً من أقدمهم وفاة (سنة 127 أو 128) وهذه حقيقة يجب ألا تفوتنا الإفادة منها، على نحو استقرائي، بربطها مع حقيقة أخرى: وهي حاجتنا إلى الجزم بأن المفضل لم يدرك أبا رجاء العطاردي (الذي توفي سنة 109) ، وقد يصبح القطع بذلك ممكناً بعد أن نقرأ في تاريخ الطبري (1) ((حدثنا؟ عن المفضل بن محمد عن عدي بن أبي عدي عن أبي رجاء العطاردي قال؟)) فالمفضل إذم لا يروي عن أبي رجاء مباشرة، ولو أدركه لفعل ذلك، وإذن فمن اللاحق باليقين أنه لم يدركه لأحد سببين: إما لأنه لم يكن قد ولد بعد، وإما لأنه كان صغير السن. فإذا قلنا أنه ولد في العاسم الذي توفي فيه أبو رجاء كانت سنه عند وفاة عاصم لا تزيد عن تسعة عشر عاماً، وهي سن لا تسمح لعاصم الشيخ الجليل أن يذهب لزيارة المفضل في بيته إن لم يسارع المفضل إلى القراءة عليه؛ فإذا قدرنا مستوى مرضياً من العمر لهذا الاحترام المتبادل بين الأستاذ وتلميذه وجدنا أن عمر المفضل حين توفي عاصم لم يكن يقل عن خمسة وعشرين عاماً إلى ثلاثين، ويكون تاريخ ميلاده على حسب هذا التقدير بين سنتي 98 - 103هـ؟.
في تلك المرحلة الكوفية من حياة المفضل كان جل همه منصرفاً إلى طلب العلم؛ غير أنه بعد أن أحكم العلوم التي طلبها جلس للتدريس والقراء، فأخذ عنه عدد كبير من الطلاب في مقدمتهم ربيبه ابن الأعرابي، وعلي بن حمزة الكسائي،
__________
(1) الطبري 1: 3198.

الصفحة 9