كتاب أبو هريرة راوية الإسلام
وَعَبَدَ الْرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ، وَمُسْلِمٍ بْنِ جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ. هَؤُلَاءِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ الْلَّهِ بْنَ عَيَّاشٍ بْنِ أَبِيْ رَبِيْعَةَ الْمَخْزُوْمِيِّ. هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ عَنْ أُبَيٍّ بْنِ كَعْب (1).
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُسْلِمِ بنِ جَمَّازٍ: «سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَحْكِي لَنَا قِرَاءةَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (2) يُحَزِّنُهَا شِبْهَ الرِّثَاءِ» (3).
قال الذهبي - رَحِمَهُ اللهُ -: «وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي " طَبَقَاتِ القُرَّاءِ "، ... وَذَكَرْتُهُ فِي " تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ "، فَهُوَ رَأْسٌ فِي القُرْآنِ، وَفِي السُّنَّةِ، وَفِي الفِقْهِ» (4).
...
أبو هريرة والفتوى:
لم يكن أبو هريرة راوية للحديث فقط، بل كان من رؤوس العلم في زمانه، في القرآن والسُنَّة والاجتهاد، فإنَّ صُحبته وملازمته لرسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أتاحت له أنْ يتفقَّهَ في الدين، ويشاهد السُنَّة العمليَّة، عظيمها ودقيقها، ويحفظ عن الرسول الكريم الكثير الطيب، فتكوَّنتْ عنده حصيلة كثيرة، من الحديث الشريف، وقد اطَّلع على حلول أكثر المسائل الشرعية، التي كانت تُعْرَضُ للمسلمين في عهده - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كل ذلك هيَّأ أبا هريرة، لأنْ يفتي المسلمين في دينهم نيفاً وعشرين سَنَةُ، والصحابة كثيرون آنذاك. ويذكر لنا زياد بن مينا، أنه كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر، مع أشباه لهم يفتون بالمدينة، ويُحَدِّثُونَ عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من لَدُنْ توفي عثمان إلى أنْ توفوا. قال: هؤلاء الخمسة إليهم صارت الفتوى (5).
__________
(1) " جوامع السيرة ": ص 269.
(2) [التكوير: 1].
(3) " سير أعلام النبلاء ": ص 451، جـ 2.
(4) المرجع السابق: ص 449، جـ 2.
(5) " تاريخ الإسلام ": ص 337، جـ 2. و " سير أعلام النبلاء ": ص 437، جـ 2.
الصفحة 128
274