كتاب أبو هريرة راوية الإسلام

عليه العرب، أدباؤهم وفصحاؤهم وعامَّتهم منذ عرفه التاريخ. وعلى هذا الأصل نحمل بعض آيات القرآن الكريم وبعض أحاديث الرسول الأمين - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وبمثل هذه الاعتراضات يرد بعض الأحاديث، التي تتعرض لأحوال الأنبياء - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَسَلاَمُهُ -، والملائكة، وفي كل هذا لا يكف أذى لسانه عن أبي هريرة، فيستهزئ به تارة، ويزدريه أخرى، ويشتمه حيناً، ويتهكَّم عليه أحياناً ... ويتَّهمه بالتزوير مرة (1)، وبالهراء والهذر مراراً (2)، وذهب المؤلف إلى التشكيك في الأحاديث التي ساقها، والتي لم يخف منها على العلماء شيء، فبيَّنُوا صِحَّتَهَا ومعانيها ومناسباتها، وقارنوا ما رُوِيَ منها عن أبي هريرة بمرويات غيره - ولم يكن هذا خاصاً لحديث أبي هريرة، بل عامًّا لجميع الأحاديث - ولم يثبتوها في كتبهم إلاَّ بعد تحقيق ودراسة علمية عميقة.

ثم إنَّ المؤلف خلال بحثه وعرضه لأكثر تلك الأحاديث، لم يتخلَّ عن هواه، فكان يرى أنَّ بعضها من وضع أبي هريرة لِيُرْضِي به الأمويِّين، من ذلك ما رواه عنه فقال في [ص 118]: «أخرج الشيخان عن أبي هريرة مرفوعاً: " اللهُمَّ إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ، يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، وَإِنِّي قَدِ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ، أَوْ جَلَدْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ كَفَّارَةً، وَقُرْبَةً، تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ». الحديث، ويرى أنَّ أبا هريرة «وضع هذا الحديث على عهد معاوية تزلُّفاً إليه، وتقرُّباً إلى آل أبي العاص، وسائر بني أمية، وتداركاً لما ثبت عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من لعن جماعة من منافقيهم، وفراعنتهم إذ كانوا يصدُّون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، فسجل عليهم رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعلنه إياهم في كثير من مواقفه المشهودة خزياً مؤبَّداً، ليعلم الناس أنهم ليسوا من الله ورسوله في شيء فيأمن على الدين من نفاقهم» [ص 123، 124].
__________
(1) انظر ص 77 من كتابه.
(2) انظر ص 96 من كتابه.

الصفحة 239