كتاب أبو هريرة راوية الإسلام

بنا القول: روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: " إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ عَامٍ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] ". ولم يكد أبو هريرة يروي هذا الحديث حتى أسرع كعب فقال: " صدق والذي أنزل التوراة على موسى، والفرقان على محمد " ... » (1).

ما وجه الإنكار لهذا الحديث، وقد رواه عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عدد من الصحابة، وأخرجه الأئمة الأعلام في الصحاح والسُنن والمسانيد والمُصنَّفات، ورواه عن هؤلاء الصحابة خلق كثير من التابعين، فهل خدع كعب في قوله هذا؟ أم أنَّ هناك غايات وراء الميول والأهواء التي حملت أمثال هؤلاء على النيل من السُنَّة ورُواتها للتشكيك فيها بمجانبة البحث العلميِّ حيناً وبالتدليس والكذب أحياناً.

هذا الحديث الذي أنكره، حديث الشجرة التي يسير الراكب في ظلها مائة عام في الجنة ولا يقطعها، رواة الأئمة الأعلام وسأذكر أكثرهم لا على سبيل الحصر:
رواه أحمد عن أبي هريرة في " مسنده ".
ورواه مسلم عنه في " صحيحه ".
ورواه البخاري عنه في " صحيحه ".
ورواه عبد الرزاق عنه في " مُصَنَّفِهِ ".
ورواه ابن جرير الطبري عنه في " تفسيره ".
ورواه الترمذي عنه في كتابه " الجامع الصحيح ".
وسمعه من أبي هريرة الأعرج، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وهمَّام بن منبه، ومحمد بن زياد، والمقبر، ومحمد بن سيرين، وأبو الضحاك،
__________
(1) " أضواء على السُنَّة المحمدية ": ص 177، وروى هذا الحديث الإمام مسلم.

الصفحة 248