كتاب أبو هريرة راوية الإسلام

تُشَكِّلُ جانباً عظيماً في تراثنا الأدبي، ما دام المؤلف سيصرف كل لفظ إلى حقيقته!!

ثم إنَّ العلم الحديث يُرَجِّحُ أنَّ لفظ هذا الخبر من باب الحقيقة لا من باب المجاز، فإذا عرفنا أنَّ سرعة الضوء [300,000] ثلاثمائة ألف كيلومتراً في الثانية، وأنَّ ضوء كثير من الكواكب والنجوم يستغرق وصوله إلينا ساعات ضوئية، ومنها ما يستغرق أياماً بل عشرات السنين الضوئية ... وإذا تذكَّرنا إلى جانب هذا قوله تعالى: { ... وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (1).
وقوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في وصف الجنة: «فِيهَا مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» (2) إذا تذكَّرنا كل هذا، أدركنا أنه ليس في هذا الحديث ما يثير العجب العجاب، ولا ما يستدعي الإنكار على راويه، بل نزداد إيمانا بصحة هذا الخبر الذي أيَّدَهُ النقل والعقل والمقاييس العلمية ...

ولن أطيل في هذا مع أبي رِيَّة، بل أترك للدكتور طه حُسين أنْ يُبَيِّنَ رأيه في بعض ما ذكره المؤلف في كتابه، علماً بأنَّ كلمة الدكتور طه حسين كلمة ثناء على المؤلف وعلى كتابه، وقد نشر المؤلف بعض هذه الكلمة - بعد أنْ رفع منها سقطاته التي أخذها عليه الدكتور طه حسين - في كراسة صغيرة كشهادة قيِّمة في كتابه (3)!!!
__________
(1) [الحديد: 21].
(2) " صحيح مسلم ": ص 2175، جـ 4، حديث 5. أخرجه عن سهل بن سعد الساعدي.
(3) لقد ثارت ضَجَّةٌ علمية حول كتاب " أضواء على السُنَّة المحمدية " لأبي رِيَّةَ لما فيه من انحراف عن الصواب، ومخالفة للعلم وطعون بعض الصحابة والتابعين، واستخفاف بالمدونات الحديثية، وأخطاء علمية واضحة تخالف الواقع التاريخي، وما ذكره الدكتور طه حسين من مآخذ عليه لا يساوي عشر ما ورد فيه، إلى جانب التحريف في بعض النصوص، وعَزْوِ بعض الأقوال إلى غير أصحابها، وقد ذكرتُ بعض ذلك في مواضعه، كما بَيَّنْتُ الكتب التي صدرت رَدًّا على الكتاب المذكور.
ومن العجيب أنْ ينشر هذا الخطل في القول، وينتقل إلى مختلف الطبقات على ما فيه من =

الصفحة 251