كتاب أبو هريرة راوية الإسلام

إلاَّ بما يحتاج إليه الناس، لأنه كان يخشى أنْ يضع السامعون ما يُحَدِّثُ به في غير مواضعه، وعرفنا أنَّ علمه الغزير، وكثرة حديثه، وسعة إطلاعه، دعمها حفظه القوي، وضبطه وإتقانه ومذاكراته، وفصَّلنا أسباب ذلك الحفظ الخاصة بأبي هريرة.

وَبَيَّنَّا أنه مع كثرة تحديثه ونشره العلم كيف حرص على حفظ السُنَّة وصيانتها من الكذب، وكيف كان يحض الناس على التمسك بالسُنَّة واحترامها وصيانتها عَمَّا يشوبه ا. ثم بَيَّنَّا أنَّ سعة علم أبي هريرة جعلته مرجعاً للناس نَيِّفاً وعشرين سَنَةً، يستفتونه فيفتيهم، ويسألونه فيجيبهم، وعرضنا نماذج من فتاواه، وبَيَّنَّا منزلة آرائه من آراء الصحابة وبعض الأئمة، وأكَّدنا أنه كان يقتدي في فتاواه بالرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحرص على تتبُّع حديثه وأحكامه وفتاواه.

وأما بالنسبة لقضاء أبي هريرة، فإنا لم نعلم أنه ولي القضاء لأحد، ومع هذا لا بُدَّ أنه نظر في بعض القضايا حين ولي البحرين وإمارة المدينة، وعرضنا بعض ما يدل على أنه فصل في بعض القضايا.

ثم ذكرنا شيوخه، ومن روى عنه، فقد روى عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكثير الطيب، كما روى عن كبارالصحابة، وروى عنه نحو ثمانمائة رجل بين صاحب وتابع.

وذكرنا عدة ما رُوِيَ عنه من الحديث، في " الكتب الستة "، و " موطأ الإمام مالك " و " مسند الإمام أحمد، وبَيَّنَّا أنَّ أحاديثه، تناولت معظم أبواب الفقه، ثم عرضنا نماذج من مروياته، مِمَّا أخرجه له الإمام مالك، والإمام أحمد، وأصحاب " الكتب الستة "، وتوخَّينا في ذلك تناول عدة أبواب من تلك الكتب.

ثم ذكرت بعض من أثنى عليه قديماً وحديثاً، فكان موضع الثقة، والإجلال والاحترام والتقدير، مِمَّا أكد لنا منزلته وفضله، وبعد هذا عرفنا أصح الطرق عن أبي هريرة.

وبعد هذا ناقشنا الشُبُهات، أثيرت حوله، وفوضناها جميعها بالحُجج والبراهين العلمية، وتبيِّنُ لنا من خلال المناقشة افتراء أهل الأهواء،

الصفحة 261