كتاب أخبار الظراف والمتماجنين

وقد بلغ ثلاثين ديناراً وهو يساوي ثلاث مئة دينار، فاشتريته، وكنت أبني داراً، فدفعت إليه عشرين ديناراً على أن ينفقها على الصّناع، فجاءني بعد أيّام يسيرةٍ، فقال: قد نفدت النّفقة، قلت: هات حسابك؛ فرفع حساباً بعشرة دنانير، قلت: فأين الباقي؟ قال: اشتريت به ثوباً مصمتاً وقطعته، قلت: ومن أمرك بهذا؟ قال: يا مولاي {لا تعجل، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود بالزّين على مواليهم؛ فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم} .
قال: وكانت في نفسي امرأةٌ أردت أن أتزوّجها سرّاً من ابنة عمي، فقلت له يوماً: أفيك خيرٌ؟ قال: إي لعمري؛ فأطلعته على الخبر، فقال: أنا نعم العون لك؛ فتزوجت، ودفعت إليه ديناراً، فقلت له: اشتر لنا كذا وكذا، ويكون فيما تشتريه سمكٌ هازبى؛ فمضى، ورجع وقد اشترى ما أردت، إلا أنّه اشترى سمكاً مارماهى، فغاظني، فقلت: أليس أمرتك أن تشتري هازبى؟ قال: بلى {ولكنّي رأيت بقراط يقول: إنّ الهازبى يولّد السّوداء ويصف المارماهى؛ ويقول: إنّه أقل غائلةً؛ فقلت: أنا لم أعلم إني اشتريت جالينوس؟} وقمت إليه، فضربته عشر مقارع، فلمّا فرغت من ضربه، أخذني وأخذ المقرعة، وضربني سبع مقارع، وقال: يا مولاي {الأدب ثلاث، والسبع فضلٌ، ولذلك قصاصٌ، فضربتك هذه السبع خوفاً عليك من القصاص يوم القيامة؛ فغاظني جدّاً، فرميته، فشجحته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي، فقال لها: يا مولاتي} الدين النصيحة، وقد قال النبي [صلى الله عليه وسلم] : " من غشّنا فليس منا " وأنا أعلمك أنّ مولاي قد تزوّج

الصفحة 91