كتاب شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي

وتنظير أنواع علوم القرآن من خلال هذين الكتابين فحسب فيه نظر، بل الصواب أن نتتبع المراحل التاريخية، ونرى كيف تعامل العلماء مع أنواع علوم القرآن، وننظر في مقاصد كتبهم، فإن كان واضحاً من مقصدهم التأليف في أنواع علوم القرآن فلا يجدر بنا أن نغفله عند الحديث عن تاريخ علوم القرآن والمؤلفات فيه (¬1).
قوله: (وقدمت في أوله مقدمتين: إحداهما: في أبواب نافعة، وقواعد كلية جامعة، والأخرى: فيما كثر دوره من اللغات الواقعة).
هذه مقدمة المقدمة، أمَّا المقدمة التي سيذكر فيها ما يتعلق بعلوم القرآن وأصول التفسير فهي المقدمة الأولى التي سنشرحها.
وأما المقدمة الثانية، فقد ذكر فيها الألفاظ التي يكثر دورانها في القرآن وبيّن معانيها فجعلها كأنها كتاب في مفردات ألفاظ القرآن بحيث لا يحتاج إلى أن يذكر معاني هذه الكلمات في كل موضع ترد فيه.
وهذه الطريقة لها جانب حسن، ولها جانب غير ذلك، وذلك مبني على مدى استفادة القارئ منهما؛ لأن قارئ التفسير ـ مثلاً ـ قد يقرأ في
¬_________
(¬1) هناك كتب لم تُعَنْوَن بأنها في «علوم القرآن»، ولكن حقيقتها أنها في علوم القرآن، ككتاب «فهم القرآن» للحارث المحاسبي (ت243هـ) الذي ضمَّن كتبه جملة من أنواع علوم القرآن؛ كفضائل القرآن، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وأساليب القرآن من التقديم والتأخير والإضمار وغيرهما.
كما أن هناك كتباً قد اشتملت على جملة من أنواع علوم القرآن، وإن لم تكن في علوم القرآن؛ ككتاب الإيضاح للأندرابي (ت470هـ) الذي ضمَّن مقدمته جملة من أنواع علوم القرآن بالإضافة إلى أنواع علوم الإقراء وما يتعلق بها، فقد ذكر في الأبواب التي ربت على الخمسين باباً جملة من أنواع علوم القرآن، منها: الباب الأول: في ذكر بعض ما جاء في فضائل القرآن وأهله وأخلاقهم ونعوتهم وصفاتهم.
الباب الرابع: في ذكر تأليف القرآن وجمعه في المصحف، ومن جمعه؟ وكيف جُمع؟ وما السبب الداعي إلى جمعه واجتماع الناس عليه؟
الباب العاشر: في ذكر تنزيل الكتب وترتيب نزول السورة المكية والمدنية، وكم نزلت منها بمكة، وكم نزلت بالمدينة؟ ... إلخ من الأبواب التي ذكرها في مقدمة كتابه.

الصفحة 25