كتاب شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي

قوله: (وأما آخر ما نزل: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، وقيل: آية (الربا) (¬1) التي في البقرة، وقيل: الآية قبلها).
آخر ما نزل على الإطلاق فيه خلاف، والتعبير بعبارة (آخر ما نزل) عند السلف على قسمين:
القسم الأول: أن يكون مرادهم الآخرية المطلقة، وعليه قول بعضهم: آخر ما نزل سورة الكوثر.
القسم الثاني: آخرية نسبية، وعليه قول بعضهم: (آخر ما نزل سورة المائدة، وهي محكمة)، ومراده أن جميع آياتها لا يوجد فيها نسخ.
وقول بعضهم: «إن آخر آية نزلت آية الربا»، مراده الآخرية المطلقة، وهي من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} إلى قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281].
ومن قال منهم: آخر آية نزلت قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، فإنه لا يخالف هذا القول؛ لأن الأول ذكر أول الآيات التي نزلت آخراً، والثاني ذكر آخر آية مما نزل آخراً.
والذي ينتج من خلال بحث (آخر ما نزل) ما يأتي:
1 - أنه لا يوجد اتفاق على الآخرية المطلقة.
2 - أنه يوجد آخريات نسبيه كثيرة، كآخر ما نزل من آيات الربا، أو آيات الخمر، أو آيات الجهاد.
¬_________
(¬1) في المطبوع من التفسير: «آية الزنى»، وهو خطأ في قراءتهم المخطوط، والصحيح ما أثبت بعد مراجعة ثلاث مخطوطات للتفسير والمقدمة بتحقيق محمد بن مولاي، وهي مكتوبة بالألف الممدودة، وطبعات التفسير فيها أخطاء كثيرة، وهو يحقق الآن، ولعله يطبع قريباً.

الصفحة 31