كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة
من الهجرة، والذي ينسب إليه وضع بعض الأبواب الأساسية في علم النحو، والتكلم في مسائل التعليل والقياس، ويقول عنه محمد بن سلام الجمحي في (طبقات فحول الشعراء) في الصفحة الثانية عشرة: "كان أول من أسس العربية، وفتح بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسها أبو الأسود الدؤلي، وإنما قال ذلك حين اضطرب لسان العرب، وغلبت السليقة، وكان سَرَاة الناس يلحنون؛ فوضع باب الفاعل، والمفعول، والمضاف، وحروف الجر، والرفع، والنصب، والجزم". انتهى.
وكالخليل بن أحمد الفراهيدي وهو أشد شيوخ سيبويه صلة به، ومحبة له، وأكثرهم أثرًا فيه، وقال عنه ابن جني في (الخصائص): "فانظر إلى قوة تصور الخليل إلى أن هجم به الظن على اليقين، فهو المعنيُّ بقوله: الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمع"، وقال عنه أبو بكر الزبيدي في (طبقات النحويين): "وهو الذي بسط النحو، ومد أطنابه، وسبب علله، وفتق معانيه، وأوضح الحِجاج فيه؛ حتى بلغ أقصى حدوده، وانتهى إلى أبعد غاياته". انتهى. وقال السيرافي في (أخبار النحويين البصريين) عن الخليل: "كان الغاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس فيه". انتهى. والذي يعنينا هنا أن نشير إلى أمرين:
أولهما: أن العلة النحوية كانت فطرية في نفس العربي، شأنها في ذلك شأن لغته التي كان يتكلم بها بالسليقة العربية من غير تعمُّل أو تكلف، ولا أدلَّ على ذلك من أن أعرابيا كان إذا سُئل عن العلة أجاب، يقول ابن جني: "وأما ما روي لنا فكثير، منه ما حكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلًا من اليمن يقول: فلان لغوب أي: أحمق جاءته كتابي فاحتقرها، فقلت له -أي: قال له أبو عمرو: أتقول: جاءته كتابي، قال: نعم أليس بصحيفة".
الصفحة 11
338