كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة
القواعد، كما قال (صاحب المدارس النحوية)، وكأنما لا يوجد أسلوب، ولا توجد قاعدة دون علة.
ونختم هذا العنصر بالحديث عن علم كبير من أعلام المدرسة الكوفية عاش في القرن الثاني الهجري، وكان له اهتمام بالغ بالتعليل النحوي باعتباره أهم أركان القياس، وهو أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي، المولود بالكوفة في سنة تسع عشرة ومائة من الهجرة، وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة من الهجرة، وقد قالوا عنه: إنه يُعدُّ إمام مدرسة الكوفة، فهو الذي وضع رسومها، ووطأ منهجها، وهو أعلم الكوفيين بالعربية والقرآن، وهو قدوتهم وإليه يرجعون.
يقول عنه الدكتور مهدي المخزومي في كتابه (مدرسة الكوفة): "وكان من تأثير العقل البصري فيه أن نزع منزع القياسيين في اعتماده واعتداده على القياس، ومغالاته فيه، حتى نسب إليه أنه قال:
إنما النحو قياس يتبع ... وبه في كل أمر ينتفع
وكان من تأثير العقل الكوفي فيه أن احتذى خطوات الفراء في العناية بالروايات اللغوية المنقولة بسند صحيح، والقياس عليها في الوقت الذي كان البصريون يعدونها، أو يعدون كثيرًا منها شواذ؛ لأنها خرجت على أصولهم التي تُعنى -كما يزعمون- بالأغلب، حتى كان القائل البصري يقول: إن الكسائي كان يسمع الشاذ الذي لا يجوز من الخطأ واللحن، وشعر غير أهل الفصاحة والضرورات، فيجعل ذلك أصلًا ويقيس عليه حتى أفسد النحو.
وكان القائل الآخر يقول: قدم علينا الكسائي بالبصرة فلقي عيسى والخليل وغيرهما، وأخذ منهم نحوًا كثيرًا، ثم صار إلى بغداد فلقي أعراب الحطمية، فأخذ عنهم الفساد من الخطأ واللحن؛ فأفسد بذلك ما كان أخذه بالبصرة كله"،
الصفحة 16
338