كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة

ويعلق الدكتور مهدي المخزومي على ما قال البصريون، مدافعًا عن الكسائي بقوله: "فاعتماد الكسائي على قوم وثق بهم وروايته عنهم، وهو ما لم يستسغه البصريون انعكس في نفوس البصريين في صورة إفساد للنحو، وليس هو إفسادًا له، ولكنه في الواقع خروج على ما ألفه البصريون". انتهى.
ويقول عن قياسه في موضع آخر: "ولكن قياسه يختلف عن قياس البصريين من حيث التطبيق، فبينما نجد البصريين يكونون أصلًا من الأصول بعد استقراء يقتنعون بصحة نتائجه، ويقيسون المسائل الجزئية عليه إذا توافر فيها علة ذلك الأصل؛ إذ نجد الكسائي يكتفي بالشاهد الواحد بسمعه من أعرابي يثق بفصاحته ليقيس عليه، وإن كان هذا الشاهد المسموع مما لا نظير له، أو مما يعدُّه البصريون شاذًّا لا يُعتدُّ به، وربما ضبطه البصريون ربما غمطوه ولحنوه؛ لأن مصادر سماعهم التي رسموها وقيدوا بها الدارسين لم يلتزم بها الكسائي، بل وسع دائرة مصادره حتى ألحق بها أعراب الحطمية، وأعراب سواد بغداد، وهم عند البصريين من غير أهل الفصاحة، وممن لا يجوز الأخذ عنهم. فاعتداد الكسائي وأخذه عنهم يُعد في نظرهم إفسادًا للغة وقواعدها".
ثم يقول: "وهذا الإفساد الذي اتهم البصريون به الكسائي إنما هو لإفساد أصولهم ومقرراتهم، أما كونه يمس النحو، فيحتاج إلى برهان، لا أظنهم استطاعوا أن يأتوا به" انتهى، ويسير الدكتور شوقي ضيف -رحمه الله- على درب الدكتور المخزومي فيذكر مدافعًا عن وجهة نظر الكسائي أنه من المؤكد أن الكسائي تلقن عن الخليل وسيبويه وعيسى بن عمر معرفة العلل والأقيسة، بل كان يؤمن بأن النحو إنما هو ضروب من القياس، وما يطوى فيه من علل وحجج تشده وتقيم أوده، وحقًّا إنه توسع في القياس فلم يقف به عند المستعمل الشائع على الألسنة، ولا عند أعراب البدو؛ بل مده ليشمل ما ينطق به العرب

الصفحة 17