كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة
قال السيرافي: "وقوله: واستغنيت بقولك: اضرب عن لتضرب؛ لأن الأصل عنده -أي: عند سيبويه- لتضرب، واضرب داخلة عليها، وإنما صار كذلك؛ لأن الأمر يقتضي النهي، والنهي لا يكون إلا بحرف كقولك: لا تضرب زيدًا، فينبغي أن يكون الأمر بحرف يوجب الإعراب، ويقوي تعريفه -يعني: تعريف النداء- أن يونس زعم أنه سمع من العرب من يقول: يا فاسق الخبيث، ويقوي أنه معرفة أيضًا، ترك التنوين؛ لأنه اسم شُبه بالأصوات، فيكون معرفة إذا لم ينون، وينون إذا كان نكرة، ألا ترى أنهم قالوا: هذا عمرويه وعمرويه آخر"، انتهى.
والمثال الثالث: في باب المنفي المضاف بلام الإضافة قال سيبويه في (الكتاب): "اعلم أن التنوين يقع من المنفي في هذا الموضع إذا قلت: لا غلام لك، كما يقع من المضاف إلى اسم، وذلك إذا قلت: لا مثل زيد، والدليل على ذلك قول العرب: لا أبا لك، ولا غلامي لك، ولا مسلمي لك، وزعم الخليل -رحمه الله- أن النون إنما ذهبت للإضافة، ولذلك ألحقت الألف التي لا تكون إلا في الإضافة، وإنما كان ذلك من قِبل أن العرب قد تقول: لا أباك في معنى لا أبا لك، فعلموا أنهم لو لم يجيئوا باللام؛ لكان التنوين ساقطًا كسقوطه في لا مثل زيد، فلما جاءوا بلام الإضافة تركوا الاسم على حاله قبل أن تجيء اللام؛ إذ كان المعنى واحدًا، وصارت اللام بمنزلة الاسم الذي ثُنِّي به في النداء، ولم يغيروا الأول عن حاله قبل أن تجيء به، وذلك قولك: يا تيم تيم عدي. وبمنزلة الهاء إذا لحقت طلحة في النداء لم يغيروا آخر طلحة عما كان عليه قبل أن تلحقه، وذلك قولهم:
كِليني لهمٍّ يا أميمة ناصب ... .... ..... ....... .......
الصفحة 27
338