كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة
كانت قبل حذف التاء؛ لأنه على لغة من ينتظر المحذوف، ثم إقحام التاء المذكورة وترك الاسم على حاله، التي كان عليها قبل الإقحام، فالتاء المذكورة في قولهم: يا طلحة هي مقدر إقحامها بين الحاء وبين التاء الأصلية التي حذفت للترخيم. والأمر الثالث: قول النابغة الذبياني:
كليني لهمٍّ يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وقد فعل الشاعر بأميمة ما فعلوا بطلحة من الترخيم والإقحام، الترخيم بحذف التاء الأصلية، وإقحام هذه التاء المذكورة مقدرًا توسطها بين الميم وبين التاء الأصلية.
والمثال الرابع: في باب الجزاء يقول سيبويه: "وزعم الخليل أن إنْ هي أم حروف الجزاء، فسألته: لم قلت ذلك؟ فقال: من قبل -يعني: من جهة- أني أرى حروف الجزاء قد يتصرفن، فيكن استفهامًا، ومنها ما يفارقه ما؛ فلا يكون فيه الجزاء، وهذه -وهي إن- على حال واحدة أبدًا لا تفارق المجازاة" انتهى.
يذكر الخليل لتلميذه سيبويه أن إن هي أم حروف الجزاء، فيسأله عن علة ذلك، لم كانت إن أم حروف الجزاء؟ فيبادره بذكر العلة، وهي أنها دون سائر ما يجازى به تدخل على الجزاء في جميع وجوهه، وليست كذلك سائر ما يجازى به، أي: لأن مَن الأصل أن يُجازى بها فيمن يعقل، وما ومهما فيما لا يعقل، وأيًّا فيما له أجزاء، ومتى وأيان للزمان، وأين وأن وحيثما للمكان، وإذن يتكلم بها القليل منهم، وما كل العرب تعرفها كما قال السيرافي. كما أن إن قد اتفق النحاة على أنها حرف وُضع للدلالة على مجرد التعليق أي: تعليق وقوع الجواب على وقوع الشرط، كما اتفقوا على أن مَن وما ومتى وأيًّا وأيان وأين وحيثما أسماء، تضمنت معنى الشرط، واختلفوا في إذما ومهما، أما إذما فهي حرف عند سيبويه
الصفحة 30
338