كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة
بمنزلة إن، وأما مهما فهي اسم على الأصح بمعنى ما؛ خلافًا للسهيلي الذي زعم أنها تأتي حرفًا.
فالخلاصة: أن إن هي حرف عند الجميع، والتعليق معنى، والأصل في المعاني أن تؤدى بالحروف، لكل ذلك كانت إن أم أدوات الشرط والجزاء.
ولعلك تلحظ أن الأحكام النحوية وعللها قد امتزجت في (الكتاب) وتلاحمت عند الخليل وسيبويه، فلا تكاد تفرق بين الخليل وشيخه فيها، وكأن سيبويه يرى أنه وشيخه بمنزلة علم واحد، وكأنه ذاب في شيخه، أو ذاب فيه شيخه، فإن عرفت صاحب الحكم فلا تعرف من صاحب العلة، اللهم إلا إذا كان لسيبويه رأي آخر، ومن ذلك مثلًا ما ورد في (الكتاب) في باب عنوانه: باب آخر من أبواب أن، يقول سيبويه في هذا الباب: "وسألت الخليل عن قوله جل ذكره: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (المؤمنون: 52) بفتح الهمزة في قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو، فقال: إنما هو على حذف اللام، كأنه قال: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاتقون، وقال: ونظيرها {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} (قريش: 1)؛ لأنه إنما هو لذلك فليعبدوا، فإن حذفت اللام من أن فهو نصب، كما أنك لو حذفت اللام من {لِإِيلَافِ} كان نصبًا".
ثم قال: "ولو قال إنسان: إن أن في موضع جر في هذه الأشياء، ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم؛ فجاز فيه حذف الجار كما حذفوا رب في قولهم: وبلد تحسبه مكسوحًا، لكان قولًا قويًّا، وله نظائر نحو قوله: لاه أبوك، والأول قول الخليل" انتهى.
يشير هذا النص إلى رأي كل من الخليل وسيبويه في موقع المصدر المؤول الذي يُحذف منه الجار قياسًا مطردًا، ما موقعه بعد حذف الجار، فالخليل يرى أنه في
الصفحة 31
338