كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة
معنى ذلك أنه كان يقيس على الشاذِّ والنادر؛ إنما كان يقيس على ما سمع كثيرًا قائلًا: إذا جعلت النوادر والشواذ غرضك، واعتمدت عليها في مقاييسك كثرت زلاتك"، انتهى. وإليك طرفًا من تعليلاته التي حفل بها كتابه (المقتضب):
أولًا: في أول الجزء الثاني من (المقتضب): هذا باب إعراب الأفعال المضارعة، وكيف صار الإعراب فيها دون سائر الأفعال، يعلل لإعراب الفعل المضارع دون سائر الأفعال، فيذكر أن الأفعال إنما دخلها الإعراب لمضارعتها الأسماء، ولولا ذلك لم يجب أن يُعرب منها شيء، وذلك أن الأسماء هي المعربة، وإنما دار على الأسماء من الأفعال ما دخلت عليه زائدة من الزوائد الأربع، يريد ما بُدئ بحرف من أحرف المضارعة الأربعة، ويصلح لوقتين يعني: للحال وللاستقبال، ويعلل للمضارعة بقوله: "وإنما قيل لها مضارعة، لأنها تقع مواقع الأسماء في المعنى ... " إلى آخره.
ثانيًا: في باب إضافة العدد واختلاف النحويين فيه، يبطل مذهب القائلين بتعريف العدد بإدخال الألف واللام على غير ما ذهب إليه البصريون، سواء أكان العدد مضافًا أم مركبًا، وهو أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما، أم لفظًا من ألفاظ العقود. قال: "اعلم أن قومًا يقولون: أخذت الثلاثة الدراهم يا فتى، وأخذت الخمسة عشرة درهم، وبعضهم يقول: أخذت الخمسة العشرة درهم، وأخذت العشرين الدرهم التي تعرف. وهذا كله خطأ فاحش، وعلة من يقول هذا الاعتلال بالرواية، يريد بالنقل عن العرب، لا أنه يصيب له في قياس العربية نظيرًا. وإنما يبطل هذا القول أن الرواية عن العرب الفصحاء خلافه، فرواية برواية، والقياس حاكم بعدُ، أنه لا يضاف ما فيه الألف واللام من غير الأسماء المشتقة من الأفعال، يريد أن ألا تدخل على المضاف في غير الإضافة غير المحضة،
الصفحة 33
338