كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة

البصرية، وتوفي ببغداد في العام العاشر بعد الثلاثمائة من الهجرة، وكان يُعنى بالتعليل عناية فائقة، كانت محل إعجاب العلماء من بعده ومن تعليلاته:
أولًا: ما ذكره تلميذه أبو القاسم الزجاجي في كتابه الموسوم بـ (الإيضاح في علل النحو) في باب القول في الفعل والمصدر، أيهما مأخوذ من صاحبه، فقد حكى عنه انتصاره لمذهب البصريين فقال بعد عرضه عددًا من الأدلة التي تشهد للبصريين قال الزجاجي: "دليل آخر للبصريين، كان شيخنا الزجاج -رحمه الله- يستدل به قال -أي: الزجاج: لو كان المصدر بعد الفعل وكان مأخوذًا من الفعل؛ لوجب أن يكون لكل مصدر فعل قد أُخذ منه أي: قد أخذ هذا المصدر من ذلك الفعل، لا محيص عن ذلك ولا مهرب منه، فلما رأينا في كلام العرب مصادر كثيرة لا أفعال لها البتة مثل: العبودية، والرجولية، والبنوة، والأمومة، والأموة، وما أشبه ذلك مما يطول تعداده من المصادر التي لم تؤخذ من الأفعال، ورأينا في كلامها أيضًا مصادر جارية على غير ألفاظ أفعالها نحو: الكرامة، والعطاء، وما أشبه ذلك؛ علمنا أنه ليست الأفعال أصولًا للمصادر يعني: كما قال الكوفيون؛ إذ كانت المصادر توجد بغير أفعال، وعلمنا أن المصادر هي الأصول؛ فمنها ما أُخذ منه فعل، ومنها ما لم يُؤخذ منه فعل، وهذا بين واضح" انتهى.
ثانيًا: ما أورده ابن جني في (الخصائص) عن الزجاج من تعليله لرفع الفاعل ونصب المفعول قال: "قال أبو إسحاق -أي: الزجاج- في رفع الفاعل ونصب المفعول: إنما فعل ذلك للفرق بينهما، ثم سأل نفسه فقال: فإن قيل: فهلَّا عُكست الحال فكانت فرقًا أيضًا، يعني: هلَّا رفع المفعول ونصب الفاعل فكان الرفع هنا والنصب هناك فرقًا بين الفاعل والمفعول، قيل -يعني: في الجواب:

الصفحة 46