كتاب أصول النحو 2 - جامعة المدينة
وأما السيرافي فهو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، ولد بسيراف من بلاد فارس، وكان أبوه مجوسيًّا فأسلم، وسماه ابنه السيرافي عبد الله، وتوفي ببغداد سنة ثمان وستين وثلاثمائة من الهجرة، وهو أحد الأئمة المعروفين في النحو واللغة والفقه والكلام، وقد تناول علوم العربية ومهر فيها حتى أصبح من مشاهير أئمتها، وأصحاب الرأي فيها، ويمثل شرحه لكتاب سيبويه مصدرًا أساسيًّا من مصادر دراسة العلة النحوية عند النحاة حتى النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، ويقول عن شرحه لكتاب سيبويه صاحب (المدارس النحوية): "وكان السيرافي يتوسع في التعليل توسعًا أسعفه فيه عقله الجدلي الخصب، فليس هناك شيء علله النحاة إلا وتُذكر عللهم فيه، وتضاف إليها علل جديدة، وما لم يعللوه حاول جاهدًا أن يجد له علة، أو عللًا تسنده" انتهى.
علم آخر من هؤلاء الأعلام وهو الفارسي أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي أبًا، أما أمه فهي عربية سدوسية من سدوس شيبان، نشأ بفسا من أرض فارس، ثم ورد بغداد فأخذ النحو عن الزجاجي وابن السراج ومبرمان، وغيرهم، وتوفي بعد حياة حافلة بالدراسة والتأليف ببغداد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة من الهجرة، قال عنه صاحب (المدارس النحوية): "وكان عقل أبي علي من الخصب بحيث ملأ نفس ابن جني تلميذه، حين ألمَّ بالموصل من جميع أقطارها، وهو يكثر من ذكر آرائه في كتابه (الخصائص) وغيره، حتى ليبدو كأنه كان كنزًا سائلًا بمسائل اللغة والنحو، وما يجري فيها من ضبط الأصول وضبط الأقيسة، والعلل"، انتهى.
وقد امتلأت نفس ابن جني إعجابًا بأستاذه أبي علي، وقدرته على انتزاع العلل، فيقول في (الخصائص): "وقلت مرة لأبي بكر أحمد بن علي الرازي -رحمه الله- وقد أفضنا في ذكر أبي علي، ونُبل قدر، ونباوة محله: أحسب أن أبا علي
الصفحة 50
338