كتاب الإعجاز العلمي في القرآن الكريم - جامعة المدينة
الشاطبي ينكر التفسير العلمي:
وكان زعيم المعارضة لفكرة التفسير العلمي في العصور المتقدمة، وهو الفقيه الأصولي أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي الأندلسي، المتوفى سنة 790 هجرية، وهذا مما يظهر في كتابه (الموافقات) فهو يعقد بحثًا خاصًّا لمقاصد الشارع، وينوع هذه المقاصد إلى أنواع تولَّى شرْحَهَا وبيانَهَا.
يقول صاحب (التفسير والمفسرون): "والذي يهمنا هنا النوع الثاني منها وهو بيان قصد الشارع في وضع الشريعة للأفهام، وفي المسألة الثالثة من مسائل هذا النوع نجده يقرر: أن هذه الشريعة المباركة أمية؛ لأن أهلها كذلك، فهو أجرى على اعتبار المصالح، ثم دلَّلَ على ذلك بأمور ثلاثة لا نطيل بذكرها، ثم عقب بفصل ذكر فيه: أن العرب كان لها اعتناء بعلوم ذكرها الناس، وكان لعقلائهم اعتناء بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، فصححت الشريعة منها ما هو صحيح وزادت عليه، وأبطلت ما هو باطل وبينت منافع ما ينفع من ذلك، ومضار ما يضر منه. ثم ذكر من العلوم الصحيحة التي كان للعرب اعتناء بها علم النجوم وما يختص به من الاهتداء في البر والبحر واختلاف الأزمان، باختلاف سيرها، وما يتعلق بهذا المعنى".
ثم قال: "وهو معنى مقررٌ في أثناء القرآن في مواضع كثيرة، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (الأنعام: 97). وقوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون} (النحل: 16)، وقوله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 39، 40). وقوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ
الصفحة 46
357