كتاب الأديان والمذاهب - جامعة المدينة
حسية أو خيالية ساذجة هي كل ما يمكن أن يصل إليها عقله المستقل، وهي أمور قد ترضي الفطرة إلى حين، ولكنها لا تقنع العقل إلا زمنًا يسيرًا؛ لهذا سرعان ما تتطور مثل هذه العقائد وتتغير، ولكن كل تطور وتغير يبقى ساذجًا طالما بقي الوحي بعيدًا عنها، أو بمعنى أصح طالما بقي الإنسان بعيدًا عن استمداد عقيدته من الوحي الإلهي الصحيح.
وهكذا كان شأن اليونانيين القدامى كما يبدو مما نقل عنهم في همجيتهم، ومنذ بداية تحضرهم، وتصورهم للألوهية تصورٌ عجيب؛ فهذه أرباب الأولمب الذين قلدوا في أشعار هوميروس في الملحمتين العظيمتين الإلياذة والأوديسا، وشاعت عبادتهم بين الإغريق يقول عنهم العقاد: كان من الواضح أنها أرباب مستعارة من الأمم التي سبقتهم إلى الحضارة وتنظيم العبادات؛ فالإله زيوس أكبر أرباب الأولمب، والإله ديوس المعروف في الديانة الهندية الآرية القديمة، واسمه متداول في العبادات الأوربية جميعًا، مع قليل من التصحيف بين اللغات واللهجات، والربة أرتميس، ومثلها الربة أفروديت أو فينوس هي الربة عشتار اليمانية البابلية، ومنها كلمة ستار التي تدل على النجم في بعض اللغات الأوربية الحديثة، والربة دمنس هي أيزيس المصرية كما قال هيرودت المؤرخ اليوناني المشهور، وهي واحدة من أرباب كثيرة تشابهت عبادتها في بلاد الإغريق، وأضيف إلى هذه الأرباب أدونيس من أدوناي العبرية بمعنى السيد أو الإله، كما أضيفت إليها عبادة ديونسيس في أطوارها المتتابعة التي تلبست أخيرًا بعبادة مترا في الديانة الأورفية السرية.
الصفحة 413
425