كتاب الأديان الوضعية - جامعة المدينة

وذلك لأن النفس "آتما".
هذه أصلها من براهما، الذي يعتبر لها كقرص الشمس، وهي شعاعه تلك الأشعة التي تدخل في كل مكان على امتداد العمران والكرة الأرضية، وهذه النفس لها أوصاف ذكرها الهندوس في الكتاب الحادي عشر في الفقرات الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين، وترجمتها كالآتي: لا تؤثر فيها الأسلحة، ولا تؤثر فيها الرياح، لا يَبُلّها المَاء لا تحرقها النيران؛ خالدة أبدية، مَوجُودة في كل مكان، لا تنتقل من شخص إلى آخر، دائمًا مع صاحبها، لا تتحرك لم تولد لا تتبدل ولا تتغير، لا يحيط بها فكر، كاملة سواء كانت للرجال أو للنساء.
إن النفس كاملة، ولكن البدن الذي يولد ليس كاملًا بل هو ناقص، واتصال النفس بالبدن علاقته غير معروفة أولها.
ولهذا؛ فإن البدن عليه أن يستغل وجود الروح فيه ليعمل أعمالًا كثيرة، على مظنة أنه لا حياة بعد ذلك أبدًا، وأن الموت الذي سيأتي ولا يمكن دفعه أبدًا سوف يقضي على الحياة نهائيًّا، والروح بعد ذلك سوف لا تنقل إلى بدن آخر، ولهذا وجب أن يحرق البدن حسب تعليم "كارما" الذي يقضي باتحاد الروح مع الجسد، وإحراقهما عند الموت، أما الروح فهي أبدية باقية، فحسب أعمال صاحبها تنال الجزاء؛ فهي إما في الجنة، وإما في النار حسب أعمال صاحبها.
وعن عودة الأرواح يقول: وبعد أن تنال الروح نصيبها من النار أو من النعيم، لا تستقر هناك، بل تُولد من جديد، وتظل هكذا مرارًا وتكرارًا، حتى تعرف حقيقتها؛ فتنفرد بذاتها، بإلهها، وهنا تتخلص من مسؤولياتها الدنيوية، ثم تعود إلى رَبّها في عالم البهجة والسعادة، ويتم ذلك إذا انتهت كل البواعث التي

الصفحة 40