كتاب الأديان الوضعية - جامعة المدينة

من بأس في أن يولد حيوانًا أعجم، وقد يولد إنسان الذي هو غاية في السوء فيلًا، وإذا صار فيلًا شريرًا؛ فإنه بعد موته يولد مرة أخرى كلبًا، وإذا كان كلبًا فاسدًا ظل ينحدر كلما ولد؛ حتى يولد برغوثًا أو بعوضة.
وأراد القوم أن يعرفوا السر الذي يجعل أرواح الصالحين من الناس تتجسد في طوائف أعلى، بينما يجعل أرواح السيئين تتجسد أجسامًا من الطوائف الدنيا، أو الحيوانات؛ فقال الكهنة: هناك قانون للحياة يقول "جزاء الخير خير مثله، وعقاب الشر شر مثله" وهذا القانون اسمه "الكارما" ورأى الناس بالفعل أن هذا ما يجب أن يكون، فالعمل الصالح يجب أن يثاب عليه، والعمل السيء يجب أن يعاقب عليه المرء، وبدا صواب لديهم أن يكون في الحياة مثل هذا القانون.
وظهر سؤال: ولكن ما الذي يحدث للمرء إذا هو استمر يحيا حياة صالحة بعد حياة صالحة أخرى؟ وأجاب الكهنة: إذن يثاب؛ فإذا كان رجل من طائفة غاية في الانحطاط يحيا حياة طيبة، فإنه يولد في المرة التالية في طائفة أعلى، وإذا ظل مواظبًا على الصلاح، يظل يرتفع مرة بعد مرة حتى يصبح كاهنًا برهميًّا، وماذا يحدث لو أن الكاهن ظل صالحًا، فبأي صورة يولد من جديد؟ عندئذٍ لا يولد مرة أخرى، فهنا تنتهي دورة الحياة، ولكن ما مصير تلك الروح التي تظل خيرة مع مجرى الزمن؟ إن أرواح الكائنات تأتي من "براهمة" روح العالم؛ فعندما تنتهي الروح من دورة الحياة، تعود إلى روح العالم، وتتحد مع براهما، وهذا هو ما يسمى بـ"النرفانا" وتلك أعظم سعادة يمكن أن تتمناها روح، ومن هنا كان على كل الناس أن يحيا حياة صالحة، وألا يفعلوا الشر؛ حتى يمكن في الحياة أن يتحدوا مع روح العالم وأن يدخلوا النرفانا.

الصفحة 47