كتاب الأديان الوضعية - جامعة المدينة

وبعض المعبودات له شهرة واسعة، تجلب له الحجاج في أثناء الاحتفال به من أقاصي شبه الجزيرة، وبعضها يحتفل به احتفالًا محليًّا، أي في القرية أو في مجموعة القرى المتجاورة فقط، وهكذا.
وقد ورد الحديث عن براهمة وعن خلق الكون في كتاب (قوانين منو)، ومنه ننقل الفقرة التالية التي تشرح هذا الموضوع، "في المبدأ كان الكون مغمورا في غيابة الظلام، ولا يمكن إدراكه، وخال من كل وصف مميز، لا يستطاع تصوره بالعقل ولا بالوحي، كأنه في سبات عميق، وانقضى على هذا أمد طويل، ثم تعلقت إرادة المولى الموجود بذاته التي لا تدركها الأبصار، فجعل هذا العالم مرئيًّا هو وعناصره الخمسة وأصوله الأخرى، متلئلًا بالنور الأقدس، قاشعًا الظلام الحالك.
فاقتضت حكمة براهمة الذي لا يدركه إلا العقل، أن يبرز من مادته المخلوقات المختلفة، فأوجد الماء أولا ووضع فيه جرثومة، فصارت الجرثومة بيضة لامعة لمعان الذهب، وعاشت داخلها الذات الصلبة على صورة براهمة، وهو جد جميع الكائنات، فبعد أن لبس براهمة في البيضة سنة برهمية، وهي تعادل ملايين السنين البشرية، قسم المولى بمحض إرادته هذه البيضة قسمين، وصنع منهما السماء والأرض والكائنات، وعين لكل كائن اسمه، وخلق عددا عديدا من الآلهة، وخلق طائفة غير مرئية من الجن، خلق الزمان وأقسامه والكواكب والأنهار والبحار والجبال".
وهناك رواية أخرى عن خلق الكون، ترويها الأساطير الهندية، فحوى هذه الرواية، أن الروح الكوني تشكل بالشكل الإنساني، ثم نظر حوله فلم هناك يجد شيئا غير نفسه، فصرخ بملء فه هاأنا ذا، فوجدت من هذه الساعة كلمة أنا، ولذلك فأول ما يقول الإنسان إلى الآن، عند كلامه عن نفسه أنا، وشعر هذا الروح

الصفحة 93