كتاب أصول الدعوة وطرقها 1 - جامعة المدينة

أمامها، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان:34)، وكذلك ما يتعلّق بالروح وأسرارها، قال تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (الإسراء:85)، وكلّ ما يتّصل بعالَم الغيْب، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} (الجن:26، 27).
رابعاً: خُضوع العقل للْهوَى.
"الهوى" في اللغة هو: مَيْل النفس وانحرافها عن الشيء، ثم استعمل في المَيل المَذموم، فيقال: "اتّبع هواه"، و"هو من أهل الأهواء". وقد حذَّر القرآن الكَريم مِن اتّباع الهوى، وانسياق الإنسان وراء نَزواته ونَزعاته التي قد تَطمس الحَقيقة. قال تعالى: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} (النساء:135).
ولقد بيّن القرآن الكريم خُطورة اتّباع الهوى، وآثارَه السَّيئة على الإنسان، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (الجاثية:23).
والعَالَم المُعاصر الآن يَشهد خَللاً في العَقيدة، واضطراباً في الفِكر، وانحرافاً في السُّلوك، بسبب الأهواء. نَجِد ذلك واضحاً في ميادين السِّياسة، والاجتماع، والثقافة، والاقتصاد. فاتّباع العُقول دون ضوابِط الشَّرع، يَفتَقد في كَثير من الأحيان للرؤية الصائبة، والفِكر السديد، والعَمل الرشيد.

الصفحة 15