كتاب أصول الدعوة وطرقها 1 - جامعة المدينة

ويَدرس عوامل نُهوض الأمّة، ويَقف على أسباب انكسارها، كما يَرقُب عن كثب وهو يقلِّب صفحاته أمجادَ المسلمين في صدر الإسلام، من خلال الفتوحات والغزوات، ينقل ذلك بأمانة وصدْق عاطفة، فيُحرِّك السّاكن، ويُوقظ الكَسلان ويُنبِّه الغافِل، فتَتحرّك القُلوب وتَستَيقِظ المَشاعر، وتهبّ الأمّة من كبْوَتها، حيث حرّكتْها ذكريات الماضي.
كما على الدّعاة أن يَدرسوا تاريخ الأمَم من خِلال قَصص القرآن الكريم الذي يَجلو حَقيقة مواقف المُعاندين ونهايتهم، ويُرشد إلى جِهاد الرُّسُل ومَن مَعهم.
بجانب هذه العلوم التي ذَكرناها، فإنه يَجب على الدّعاة أن يكونوا مُلمِّين بثقافة العصر، دارسين للمذاهب الفكريّة، والتيارات المعاصرة، لأن العداء بين الإسلام وأعدائه ليس وليدَ اليوم ولا الأمس القريب، ولكنها أحقاد كامنة وثأر قديم وغلّ دفين؛ يتفنّنون في التآمر على المسلمين، يرقبون حركة المسلمين عبر العصور، ويقفون على مواقف القوة فيُضعفونها، ويقفون على مواضع الضّعف فيزيدون منها، نكاية للإسلام ومحاولة للنَّيْل منه.
كما سبق، يتّضح أنّ جميع العلوم النظرية والتَّطبيقية، وشتّى المعارف الإنسانية، هي عبارة عن شرايين تتدفّق منها العلوم لتُغذّي علْم الدعوة، فيَنهل منها الدعاة، ويتكوّن لديْهم كمٌّ هائل من المعرفة، ورصيدٌ ضخمٌ في شتّى الثقافات، فيكونون بذلك أقدر على الإقناع، وأقوى على سَوْق الحُجج والبراهين.

الصفحة 39