كتاب أصول الدعوة وطرقها 1 - جامعة المدينة

فمفهوم الدّعوة إلى الله مفهومٌ شامل واسعٌ يقوم على أمريْن:
الأوّل: الإخبار عن ذات الله وصِفاته وكلّ ما يتعلّق بتَوحِيده، والإخبار عن رُسل الله من خِلال قَصص القرآن الكريم، وذِكْر أحوال البَعث والحَشر والنُّشور، ممّا يُطلِق عليه عُلماء البلاغة: "الجُملة الخَبرية" التي تُفيد حُصول الشيء أو عَدم حصوله.
وكلّ ما أخبر الله ورسوله عنه، فهو يَقينيّ وصادق، ولا يَتعلّق به الأمر بالمَعْروف والنهي عن المُنْكر.
الأمْر الثاني: "الإنشاء" الذي يُعبّر عَنه بـ"الجُملة الطَّلبية" التي تَتضمّن الأمْر والنَّهي؛ وهذا هو مَيدان الأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر.
فـ"المَعْروف" في الاصطلاح الإسلامي يُطْلَق على كلّ ما أمَر الشارع بفِعْله إلزامَاً أو تَرغِيباً. فهو: كلّ ما يُستَحسَن فِعْله في الإسلام. ويَدخل فيما هو مُستحسنٌ في الإسلام: كلّ ما هو حَسنٌ في العُقول السَّليمة الصَّحيحة الرَّشيدة، والفِطَر النَّقية.
وأمّا "المُنْكر" في الاصطلاح الإسلامي فهو يُطلق على: كلّ ما نَهى الشارع عن فِعْله نَهياً إلزامياً تَحريمياً. فهو: كل مُستقبَح في الإسلام. ويَدخل فيما هو مُستقبحٌ في الإسلام: ما هو قَبيح في العُقول السَّليمة الصَّحيحة الرَّشيدة.
فالأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر هو من أعظم وسائل الدّعوة إلى الله، وبدونه تَتجمّد الدّعوة وتَنسحِب من ميادين الحَياة، كما حَدث للأديان الأخرى. وهو صمام أمْن المُجتمعات الإسلامية، وبتعْطيله والتَّقاعُس عَنه يَضمحلّ الدِّين ويَضعف في قلوب العباد، وتعمّ الفتنُ، وتموت الفضائل وتنتشر الرذائل، ويستشري الفساد في الأرض. ولأهمِّيّة الأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر وعُمق

الصفحة 90