كتاب أصول الدعوة وطرقها 2 - جامعة المدينة
1 - البصر والبصيرة.
"البصر": حسّ العيْن وحركتها للرؤية، وتُجمع على: أبصار؛ قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
والبَصر من القلب: نظَره وخاطِره؛ قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، وقال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}.
و"البصيرة": عقيدة القلب، والفِطنة، والحجّة، وتُجمع على: بصائر؛ قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}.
يقول ابن كثير -رحمه الله-: "البصائر: هي البيِّنات والحُجج التي اشتمل عليها القرآن الكريم وما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-".
هذه البصائر التي تتجلّى في الأنْفُس والآفاق، أو من خلال آيات القرآن الكريم وهدْي الرسول -صلى الله عليه وسلم-، تُحقِّق الهداية والرحمة لأولئك النّفر من البشَر الذين وصَفَهم الله -تبارك وتعالى- في قوله: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، أي: عبرةً وعظةً. وقال تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. وقال تعالى: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}.
والمنيب: هو العبد الخاضع، الخائف الوَجِل، الرّجّاع إلى الله -عز وجل-.
الصفحة 11
328