كتاب أصول الدعوة وطرقها 2 - جامعة المدينة

فقد بيّنتْ هذه الآيات مَن هُم الذين يُدركون تلك البصائر التي تَنطق بالأدلّة على دلائل القدرة، وآيات العظمة التي تستوجب الإيمان بوجود الله، وتفرّده بالوحدانية، واستحقاقه للعبوديّة الخالصة. إنها صفات: الإيمان، والتّذكّر، واليقين، والرجوع إلى الله.
مَن اتّصف بتلك الصفات، تتجلّى له الحقيقة بيضاء ناصعة، ولامس الإسلام شِغاف قلبه، وتعمّق في وجدانه ومشاعره.
2 - البرهان: هو الدليل القاطع للعُذر، والحُجّة المزيلة للشُّبْهة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً}.
ولقد طلب القرآن الكريم من المستكبِرين والمعانِدين أن يُقدِّموا البراهين والأدلّة على صدْق مَزاعِمهم الفاسدة وعلى صحّة معتقداتهم الباطلة، فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. ومن ذلك: ما اعتقده اليهود والنصارى من اقتصار الجنّة عليهم، وزعْمهم الباطل ألّنْ يدخُلَها غيرُهم، فطالَبهم الله بالبرهان والدليل؛ قال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
وقال تعالى عن عُبّاد الأصنام والمُتّخِذين من دون الله آلهة، بدون برهان أو دليل: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ}.
3 - الحُجّة -بالضّم-: البرهان، والمِحْجاج: الجَدِل، والتّحاجّ: التّخاصم. وتُجمع على: حُجَج، وهي: أن يَطلب كلّ واحد أنْ يرُدّ الآخَر عن حُجّته ومحجّته.

الصفحة 12