كتاب أصول الدعوة وطرقها 3 - جامعة المدينة

منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيها)) فخرجنا إليها أرسالًا حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، فأمنا على ديننا ولم نخش منه شيئًا، وكان عثمان بن عفان أوّل من خرج مهاجرًا، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وأورد الإمام البخاري حديثًا بسندٍ موصول إلى أنس قال: ((أبطأ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خبرهما، فقدمت امرأة فقالت له: لقد رأيتهما وقد حمل عثمان امرأته على حمار، فقال -صلى الله عليه وسلم: صحبهما الله)).
إنَّ عثمان لأوّل من هاجر بأهله بعد لوط -عليه السلام-، وقد سرد ابن إسحاق وغيره أسماء مهاجرة الحبشة، وهم: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وأبو حذيفة بن عتبة، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة، وسهيل بن بيضاء، وأبو صبرة بن أبي رهف العامري، وحاطب بن عمرو العامري.
وأمَّا النسوة فهنّ: رقية بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة، وأم سلمة بنت أبي أمية امرأة أبي سلمة، وليلى بنت أبي حثمة امرأة عامر بن ربيعة، وقد عُرِفَت هذه بالهجرة الأولى إلى الحبشة.
الهجرة الثانية إلى الحبشة:
عندما كان المسلمون في الحبشة أُشِيع أن قريشًا قد أسلمت، فرجع ناس منهم: عثمان بن مظعون، فلم يجدوا ما أخبروا به صحيحًا، فرجعوا وسار معهم جماعة إلى الحبشة، وهي الهجرة الثانية، وقد ذكرت إحدى الروايات الصحيحة أنَّهم كانوا اثنتين وثمانين رجلًا سوى نسائهم وأبنائهم.

الصفحة 134