كتاب أصول الدعوة وطرقها 3 - جامعة المدينة

على الضعيف، لقد كانت استجابة من عنده عقل يميز الأشياء ويفرّق بين الحسنات والسيئات.
حادي عشر: الثقة المطلقة بالقائد:
لقد أخبر جعفر بأنَّ هذا الرسول موثوق عند قومه مؤمنهم وكافرهم، صادق لا يعرف الكذب إلى لسانه سبيلا، ولا إلى قلبه دليلًا، ومن كانت هذه صفاته جدير بأن يصدَّق وأن يتَّبع، وأن يطاع، فصدّقوه وآمنوا بما جاء به من دعوة إلى مكارم الأخلاق وكفٍّ عن شرورها.
ثاني عشر: الابتلاء في هذا الدين سنة لا تتوقف ولا تتخلف:
لقد أخبر جعفر عن هذه السنَّة، وأن الابتلاء لحق هؤلاء المؤمنين في مكة، وكان ابتلاء بالضرّاء، بالأذى، بحرق الأجسام، بخنق الدعاة، بتعذيبهم بوسائل يعجز عنها شياطين الجن، والموقف من هذا الابتلاء الثبات على المبدأ، والصبر على هذا الدين، حتى يأتي الله بالفرج والنصر والتمكين.
ثالث عشر: أسلوب جعفر في عرض قضيته -قضية المسلمين المهاجرين- كان أسلوبًا موفَّقًا ومؤثرًا وصادقًا، وجادًّا ومتميزًا، مما جعل النجاشي يتأثر بقوله، ويطلب أن يسمعه شيئًا من هذا القرآن الذي دعا إلى ما دعا إليه؛ من محاربة الرذائل، والإقبال على الفضائل، لقد بدأ يذكر قبائح الجاهلية التي تحاربها الفطرة السوية، ثم ذكر موقف الإسلام من القبائح، رفضها وتغييرها، والتزامهم بالتغيير، مما ترتَّب عليه الاضطهاد، فكان حسن التأني للأمور وجودة الأسلوب دافعًا للملك أن يتعاطف معهم، وأن يوفّر لهم في بلده الأمن والأمان.

الصفحة 142