كتاب أصول الدعوة وطرقها 3 - جامعة المدينة

قال ابن إسحاق عن هجرة أبي سلمة: هاجر إلى المدينة قبل بيعة العقبة بسنة، وكان قدِم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة من أرض الحبشة، فلمّا آذته قريش، وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار، خرج إلى المدينة مهاجرًا.
محنة أبي سلمة:
عن أمّ سلمة قالت: لمَّا أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة، رحّل لي بعيري، ثم حملني عليه، وحمل معي ابني سلمة في حجري، ثم خرج بي، فلمّا رأته رجال بني المغيرة قاموا إليه، فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه، على ما نتركك تسير بها في البلاد؟ قالت: فأخذوني منه، قالت: وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد، فقالوا: لا والله، لا نترك ابنتنا عندها، فتجاذبوا ابني سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي إلى المدينة، ففُرِّق بيني وبين زوجي وبين ابني، قالت: فكنت أخرج كل غداة، فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أو قريبًا منها، حتى مرَّ بي رجل من بني عمي، فرأى ما بي فرحمني، فقال لبني المغيرة: ألا ترحموا هذه المسكينة؟ فرّقتم بينها وبين زوجها وابنها، فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت، قالت: وردَّ بنو عبد الأسد إلي ابني، ثم خرجت أريد زوجي، وما معي أحد من خلق الله، قالت: أتبلّغ ممن لقيت حتى أقدم على زوجي، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن أبي طلحة، أخا بني عبد الدار، فقال لي: إلى أين يا بنت أمية، قلت: أريد زوجي بالمدينة، قال: أوَما معك أحد؟ فقلت: لا والله، إلا الله وابني هذا، قال: والله ما لك من مترك، فأخذ بخطام البعير، فانطلق معي يهوي بي، فوالله ما صحبت رجلًا من العرب كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ، ثم استأخر عني، حتى إذا نزلت فحط عن

الصفحة 154