كتاب أصول الدعوة وطرقها 3 - جامعة المدينة

ولما كذّبته ثقيف في الطائف وآذته، وأغرت به سفهاءها يرجمونه بالأحجار، حتى دميت قدماه، اتجه إلى الله خالقه بهذا الدعاء الرهيب: ((اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى من تكلني، إلى عدوٍّ يتجهمني، أم إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أنّ عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السموات الأرض، وأشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تحلّ علي غضبك، أو ينزل بي سخطك، ولك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك)).
مزاحه ودعابته -صلى الله عليه وسلم:
وممَّا يتصل بطيب النفس حب الدعابة البريئة، والمزاح مع الأصحاب والمترددين عليه، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يحب الدعابة، ويبتسم بالنكتة اللطيفة، ويمازح أصحابه، ويداعبهم بالنكات اللطيفة، جاءته امرأة عجوز تطلب إليه أن يدعو الله لها بدخول الجنة، فقال لها مداعبًا: ((أوَمَا علمت أنّ الجنة لا تدخلها عجوز؟ فولّت تبكي، فقال: ردوها، أما قرأت قوله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا} (الواقعة:35 - 37))) وجاءته امرأة من الأنصار تشكو إليه زوجها، فقال: ((أزوجك الذي في عينه بياض)) فجزعت؛ إذ ظنّت أن بعينه عيبًا لم تطلّع عليه، فأفهمها أنّ كل إنسان في عينه بياض حول المقلة، وجاءه أعرابي يسأله أن يمنحه ناقة يركب عليها في سفره، فقال له: ((أنا حاملك على ولد ناقة، فقال: وما أصنع به يا رسول الله؟! فقال -صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق)).

الصفحة 178