كتاب أصول الدعوة وطرقها 3 - جامعة المدينة

بل هذا الحديث يثبت أن أبا سعيد أنكر المنكر بيده ثم بلسانه، بصورة أشد من صورة إنكار الرجل، والجمع بين الحديثين سهل دون حاجة إلى هذه الاحتمالات، فأبو سعيد حاول منع مروان بيده كما أنكر بلسانه، فلما صعد مروان المنبر أنكر الرجل فأيده أبو سعيد.
ولا إشكال ولا حاجة إلى القول بأنهما قضيتان، هذا وإنما أُخرت الخطبة عن الصلاة لأنها لما كانت غير واجبة جعلت في وقت يتمكن مَن أراد تركها مِن تركها، بخلاف خطبة الجمعة والاستماع لها أفضل، وقد روى عن الحسن وابن سيرين أنهما كرها الكلام يوم العيد والإمام يخطب. وقال إبراهيم النخعي: "يخطب الإمام يوم العيد قدر ما يرجع النساء إلى بيوتهن".
وهذا يدل على أنه لا يستحب لهن الجلوس والاستماع إلى الخطبة؛ لئلا يختلطن بالرجال، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في موعظته النساء بعد فراغه من خطبته دليل على أنهن لم ينصرفن قبل فراغه، وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أحق بالاتباع. قاله أبو محمد بن قدامة.
الجماعة في صلاة العيد:
الجماعة شر ط في صحة صلاة العيد كالجمعة عند الحنفيين وهو رواية عن أحمد، فمن لم يدركها مع الإمام لا يصليها وحده ولو في الوقت عند الحنفيين؛ لأنها لن تعرف قربة إلا بالجماعة، فلا تتم بالمنفرد ويأثم إن فاتته بلا عذر. عن أبي حنيفة: أن من حضر المصلى ولم يدرك صلاة العيد مع الإمام فله أن يصلي ركعتين أو أربعًا.
وقالت الحنبلية: لا يجب قضاؤها بل يستحب؛ لما روي عن أنس أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين يكبر فيهما، ولأنها قضاء صلاة فكانت على صفتها كسائر الصلوات. وهو مخير إن شاء صلاها في جماعة كما ذكرنا عن أنس، وإن شاء صلاها

الصفحة 332