كتاب أصول الدعوة وطرقها 3 - جامعة المدينة
الصحيحة بعد ذكره للمقدمات الصادقة. ذكر السيوطي أن الإسلاميين من علماء الكلام استنتجوا من أول سورة الحج إلى قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (الحج: 7) خمس نتائج وعشر مقدمات لها.
أما النتائج فقد احتواها قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ}. (الحج: 6، 7).
وأما المقدمات العشر فهي سهلة الإيراد وذلك أن الله أخبر عن يوم القيامة وزلزلة الساعة، وذلك حق منقول إلينا بالتواتر، ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا الحق، فالله هو الحق، وأخبر سبحانه وتعالى عن أهوال الساعة، وعن قدرته الشاملة، ولابد للساعة من إحياء الموتى فالله القادر يحيي الموتى سيعاقب المعاندين وسيثيب الطائعين، وأخبر عن الساعة وخلق الإنسان من تراب، وإماتته بعد ذلك، وخلق الأرض، وصدق خبره في كل ذلك بدلالة الواقع، ومن صدق خبره في ذلك صدق في أخباره عن مجيء الساعة، فصدق أن الساعة آتية لا ريب فيها، ولا تأتي الساعة إلا ببعث مَن في القبور، فثبت أن الله يبعث من في القبور.
وهذه المقدمات العشر جاءت في قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (الأنبياء: 1 - 5).
وهكذا نجد النتائج أمام العقل ثابتة صادقة، وهي نتائج ذا تأثير نفسي بالغ، فهي لا تقف عند شكلية القياس، بل تجعل المجادِل كلما وصل إلى نتيجة ازداد إيمانًا وتصديقًا، حيث تشمل النتائج على إبراز حقيقة الألوهية، وقدرة الله سبحانه وتعالى، وتخبر
الصفحة 366
386