كتاب أصول الدعوة وطرقها 3 - جامعة المدينة

المعارضة البشرية، متأكدًا من التأييد الإلهي، ويجب عليه أن يصبر على كل ما يلقاه، فلقد أمر الله الرسول من قبل بقوله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} (المزمل: 10) أي: إذا دعوتهم وعارضوك وتقوّلوا عليك الأقاويل فاصبر عليهم، وتجلد لقولهم، وأعرض عنهم إعراضًا لا يشوبه أذى ولا شتم ولا مقاومة، وعليك أن تكل الأمر إلى الله تعالى في النهاية.
والجدل ثانيًا يبصر بالدعوة ويبين أساسياتها، ويعرض القرآن في هذا الموضوع جدل سيدنا إبراهيم مع النمرود إثباتًا للألوهية. يقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (البقرة: 258).
فهذا جدل حول إثبات الألوهية بأدلتها، تراها أدلة مفحِمة ملزمة من أقرب الطرق، وقد ترك سيدنا إبراهيم دليل الإحياء والإماتة، حينما أوجد النمرود شبهة شكلية عليه، وانتقل إلى دليل لا شبهة فيه عند النمرود، وهو مطلع الشمس ومغربها، وهنا بهت النمرود.

المحاجة، والمناظرة، والمحاضرة، والندوة، والدرس الديني
من وسائل الإقناع: المحاجة:
المحاجة تعني: قدرة الفرد على تفنيد ودحض حجج الطرف الآخر بالأدلة والبراهين، الاستدلالية والواقعية، وحثه على التخلي عنها، والدفاع في الوقت نفسه عن آرائه، وتقديم حجج لإقناع الطرف الآخر بها، وذلك حين يتحاجون حول قضية خلافية.

الصفحة 375